بفضل التذكير بالله تعالى ومجالس الوعظ:
عن أبي هريرة، ﵁: "قُلْنَا: يَا رَسولَ الله! إذَا كُنَّا عِنْدَكَ رَقَّتْ قُلُوبُنَا، وزَهِدْنَا فِي الدنْيَا، وكُنَّا مِنْ أَهْلِ الآخِرَةِ، فَإِذَا مَا خَرجْنَا مِنْ عنِدِكَ، آنسْنَا أهْلَنَا، وشَمَمْنَا أَوْدلَادَنَا، وأَنْكَرْنَا أَنْفُسَنَا؟ فقال رسول الله ﷺ: لَوْ أَنَّكُمْ إِذَا خَرَجْتُمْ مِنْ عِنْدِي كُنْتُمْ علَى حَالِكُم ذَلِكُمْ لزَارَتْكُمْ الَملَائِكَةُ في بُيُوتِكُمْ. وَلَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لجَاءُ اللهُ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ حَتَّى يُذْنبِوا فَيَغْفِرَ لَهُمْ" (^١) ..
وهو في حديثه يربط بين الجهاد وذكر الله ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا﴾ (^٢) وفي الترمذي مرفوعًا: يقول الله: "إنَّ عَبْدِي كلَّ عَبْدِي: الَّذِي يَذْكُرُنى وَهُوَ مُلاقٍ قِرْنَه" (^٣) كما يربط بين الذِّكر وبين الحج والصلاة وإبتغاءِ فضل الله. ويعقب على هذا بقوله: "ولهذا ورد فضل ذكر الله في الأسواق وفي مواطن الغفلة .. " ثم يذكر نماذج رائعة لذلك.
* * *
٦ - الكتاب فى ثوب جديد
وأعود إلى الكتاب الذي بين يديَّ، فأرى فيه خُطْوةً على طريق العناية بالحديث الشريف.
فهذا طريق قل سالكوه، وأصبح العاملون في ميدانه قلة نادرة يتخطف الموت منهم أكثر مما تفرضه المسئولية على الأجيال اللاحقة لملء الفراغ، وهو فراغ موحش!
أكثر من كِتاب من كتب الأحاديث مات محققوها دون أن يكملوها، فبقيت في تراثنا المعاصر شواهد تدعو الأجيال إلى العمل، ولم تجد بعد من يستجيب لهذا النداء! وفي بقائها دون إكمال، مؤشر يحدد المستوى الذي نرجو جميعًا أن نرتفع فوقه، إلى مسئوليتنا نحو الحديث الشريف. هذا إلى كتب كثيرة من أمهات مصادر الحديث، لا زالت بحاجة إلى تحقيق ونشر علمي.
ولقد بدأت الأجيال الجديدة من شباب الأزهر تستجيب، وأعطاها أساتذة الأزهر، في كلياته وخارجها، ما يستطيعون من عون وتوجيه، وأخذت كلية أصول الدين، ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، وجهود علمائنا، تخطط لزيادة العناية
_________
(^١) لطائف المعارف ص ٩.
(^٢) سورة الأنفال: ٤٥.
(^٣) جامع العلوم والحكم: في شرح الحديث الخمسين.
1 / 40