• وكان النبي ﷺ يقول في دعائه - إذا صلى على الميت: "اللَّهُمَّ! مَنْ أحْيَيْتَه مِنَّا فَأَحْيِه عَلَى الإسْلامِ، ومَنْ تَوَفَّيْتهُ مِنَّا فَتَوَفّه عَلَى الإِيمانِ" (^١).
لأن العمل بالجوارح إنما يُتمكن منه في الحياة، فأما عند الموت فلا يبقى غير التصديق بالقلب.
* * *
[لماذا قيل: كل مؤمن مسلم]:
• ومن هنا قال المحققون من العلماء: "كل مؤمن مسلم" فإن من حقق الإيمان، ورسَخ في قلبه: قام بأعمال الإسلام كما قال ﷺ: "ألا وإنَّ في الجَسدِ مُضْغةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كلّه؛ ألا وَهِيَ الْقَلْبُ" (^٢).
فلا يتحقق القلب بالإيمان إلا وتنبعث الجوارح في أعمال الإسلام.
[ولم لا يقال: كل مسلم مؤمن؟]
وليس كل مسلم مؤمنًا، فإنه قد يكون الإيمان ضعيفًا فلا يتحقق القلب به تحققًا تاما مع عمل جوارحه بأعمال (^٣) الإسلام؛ فيكون مسلمًا وليس بمؤمن بالإيمان التام، كما قال تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ (^٤).
ولم يكونوا منافقين بالكلية على أصح التفسيرين، وهو قول ابن عباس وغيره، بل كان إيمانهم ضعيفًا، ويدل عليه قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (^٥).
يعنى لا ينقصكم من أجورها؛ فَدَلَّ على أن معهم من الإيمان ما تُقْبَل به أعمالُهم.
وكذلك قول النبي ﷺ لسعد بن أبي وقاص لا قال له: "لَمْ تُعْطِ (^٦) فلانا وهو
(^١) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز: باب ما يقول في الصلاة على الميت ٣/ ٣٤٣ - ٣٤٤ وأبو داود في كتاب الجنائز: باب الدعاء ٢/ ١٨٨. كلاهما من حديث أبي هريرة وانظره في صحيح الترمذي ٨١٧.
(^٢) سيأتي الكلام عليه في الحديث السادس من أحاديث الجامع.
(^٣) في س، ن: "بأعمال".
(^٤) سورة الحجرات: ١٤.
(^٥) بقية الآية السابقة.
(^٦) في هـ، ن: "تعطى" "وفي س: "لم لم تعط" وعند البخاري ومسلم: "مالك عن فلان.
فوالله إني لأراه مؤمنًا" وعند مسلم أيضًا: يا رسول الله! أعط فلانًا؛ فإنه مؤمن، فقال النبي ﷺ "أو=