Jamic Bayan
جامع البيان في تفسير القرآن
فأغرى ب«دونك»، وهي مؤخرة وإنما معناه: دونك دلوي. فكذلك قول لبيد:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما
يعني: عليكما اسم السلام، أي: الزما ذكر الله، ودعا ذكري والوجد بي لأن من بكى حولا على امرىء ميت فقد اعتذر. فهذا أحد وجهيه. والوجه الآخر منهما: ثم تسميتي الله عليكما، كما يقول القائل للشيء يراه فيعجبه: «اسم الله عليك» يعوذه بذلك من السوء، فكأنه قال: ثم اسم الله عليكما من السوء. وكأن الوجه الأول أشبه المعنيين بقول لبيد. ويقال لمن وجه بيت لبيد هذا إلى أن معناه: «ثم السلام عليكما»: أترى ما قلنا من هذين الوجهين جائزا، أو أحدهما، أو غير ما قلت فيه؟ فإن قال: لا أبان مقداره من العلم بتصاريف وجوه كلام العرب، وأغنى خصمه عن مناظرته. وإن قال: بلى قيل له: فما برهانك على صحة ما ادعيت من التأويل أنه الصواب دون الذي ذكرت أنه محتمله من الوجه الذي يلزمنا تسليمه لك؟ ولا سبيل إلى ذلك. وأما الخبر الذي: حدثنا به إسماعيل بن الفضل، قال: حدثنا إبراهيم بن العلاء بن الضحاك، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن يحيى عن ابن أبي مليكة، عمن حدثه عن ابن مسعود، ومسعر بن كدام ، عن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن عيسى ابن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه، فقال له المعلم: اكتب بسم فقال له عيسى: وما بسم؟ فقال له المعلم: ما أدري فقال عيسى: الباء: بهاء الله، والسين: سناؤه، والميم: مملكته "
فأخشى أن يكون غلطا من المحدث، وأن يكون أراد: «ب س م»، على سبيل ما يعلم المبتدى من الصبيان في الكتاب حروف أبي جاد. فغلط بذلك، فوصله فقال: «بسم» لأنه لا معنى لهذا التأويل إذا تلي «بسم الله الرحمن الرحيم» على ما يتلوه القارىء في كتاب الله، لاستحالة معناه عن المفهوم به عند جميع العرب وأهل لسانها، إذا حمل تأويله على ذلك.
القول في تأويل قوله تعالى: { الله }. قال أبو جعفر: وأما تأويل قول الله: «الله»، فإنه على معنى ما روي لنا عن عبد الله بن عباس: هو الذي يألهه كل شيء، ويعبده كل خلق. وذلك أن أبا كريب: حدثنا قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عباس، قال: الله ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين. فإن قال لنا قائل: فهل لذلك في «فعل ويفعل» أصل كان منه بناء هذا الاسم؟ قيل: أما سماعا من العرب فلا، ولكن استدلالا. فإن قال: وما دل على أن الألوهية هي العبادة، وأن الإله هو المعبود، وأن له أصلا في فعل ويفعل؟ قيل: لا تمانع بين العرب في الحكم لقول القائل يصف رجلا بعبادة ويطلب مما عند الله جل ذكره: تأله فلان بالصحة ولا خلاف. ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج:
لله در الغانيات المدة
سبحن واسترجعن من تألهي
يعني من تعبدي وطلبي الله بعمل. ولا شك أن التأله «التفعل» من: أله يأله، وأن معنى «أله» إذا نطق به: عبد الله. وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه ب«فعل يفعل» بغير زيادة. وذلك ما: حدثنا به سفيان بن وكيع، قال حدثنا أبي، عن نافع بن عمر، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، أنه قرأ: «ويذرك وإلاهتك» قال: عبادتك، ويقال: إنه كان يعبد ولا يعبد. وحدثنا سفيان، قال: حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن عمرو بن الحسن، عن ابن عباس: «ويذرك وإلاهتك» قال: إنما كان فرعون يعبد ولا يعبد. وكذلك كان عبد الله يقرؤها ومجاهد. وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين بن داود، قال: أخبرني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: [«ويذرك وإلاهتك»] قال: وعبادتك. ولا شك أن الإلاهة على ما فسره ابن عباس ومجاهد، مصدر من قول القائل أله الله فلان إلاهة، كما يقال: عبد الله فلان عبادة، وعبر الرؤيا عبارة. فقد بين قول ابن عباس ومجاهد هذا أن أله: عبد، وأن الإلاهة مصدره. فإن قال: فإن كان جائزا أن يقال لمن عبد الله: ألهه، على تأويل قول ابن عباس ومجاهد، فكيف الواجب في ذلك أن يقال، إذا أراد المخبر الخبر عن استحباب الله ذلك على عبده؟ قيل: أما الرواية فلا رواية عندنا، ولكن الواجب على قياس ما جاء به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي: حدثنا به إسماعيل بن الفضل، قال: حدثنا إبراهيم بن العلاء، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن يحيى، عن ابن أبي مليكة، عمن حدثه، عن ابن مسعود، ومسعر بن كدام، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن عيسى أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه، فقال له المعلم: اكتب الله، فقال له عيسى: أتدري ما الله؟ الله إله الآلهة "
Bog aan la aqoon