78

============================================================

فيها أشد قسوة، فرجع خائبا إلى الخيام، فرأى أهلها تستغيث من العطش والاوام، فأخذ اواني وقربات، وتوجه في طلب الماء من الفرات، ومعه محمد بن أنس (6) فملأها ماء وهم بالرجوع وانعكس، وإذا بالمأمورين لمنع الوصول إلى الماء المبذول أحاطوا بهما وقاتلوهما إلى أن تتلوهما، ثم برز علي الأكبر(2) بن الحسين فقتل كثيرا من الأعادي أولي الرين، فطعن في مواضع متعددة من بدنه، فوقع من فرسه، فأخذه أبوه الحسين، وفيه بقية نفسه، ولما اتى به إلى الخيام طارت روحه الكريمة إلى رياض دار السلام، ولما انتصف النهار، واشتد الحر والتهب من الحرارة البحر والبر، وكان للحسين ولد صغير موسوم بعبد الله(3) وقيل بعلي الأصغر، لم يكن يرضع الثدي من شدة العطش ذلك البر، فاخذه الحسين بيده، وقال لهم إن كان فينا التقصير، فما بال هذا الطفل الصغير، وقد منع من الماء المبذول للأنام، فأودى به العطش والاوام فبينما هو يطلب الماء للطفل بحرقة، وإذا بسهم رمي إلى الولد فأصاب [حلقه] فشرب بقدح السعادة صافي زلال الشهادة، فصار للشهداء المذكورين ثاني اثين وسبعين فدقنوا جميعا في أرض كربلاء، وقبرهم في قبة الحسين سيد الشهداء، يتبرك به ويزار ويلتثمه الصغار والكبار.

تتبيه، ما كان يبفي: بل يحرم التعرض لذكر مقتل الحين وآله لأنه بحث عن ذلهم وهوانهم المؤدى إلى استحقارهم، وخفض مراتبهم، مع وجوب اعتقاد جلالة قدرهم وعلو مناصبهم، وربما يفضي الجهلة إلى سوء العقيدة، أعاذنا الله منها في بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين دلت الأحاديث والآيات على علو درجاتهم وكمال صفاتهم وشرافة ذواتهم، قال الإمام الغزالي: يحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين رضي الله تعالى عنه، وحكايته وما جرى بين الصحابة من التشاجر والتخاصم فإنه مهيج على بغض الصحابة والطعن فيهم، انتهى.

(2) كذا في الأصل، والمقاتل هلال بن نافع الجملي: (2) علي الاكبر بن الحسين بن علي : انظر : الطبري 446/6 ومفاتل الطاليين ص56.

) عبد الله بن الحسين: الطبري 468/5.

Bogga 78