============================================================
للمنصور: لست أهلأ للقضاء، فقال له بل أنت أهل، له، فقال: إن صدقت فذاك وإن كذبت فالكاذب ليس بمأمون على الأحكام الشرعية، فلا يتأهل للقضاء، وكان من تحامق مسعر أن قال للمنصور لما دخل عليه: كيف آنت وكيف عيالك وكيف دوابك، وكيف حميرك فقال: اخرجوه فإنه مجنون، وهرب سفيان، ووقع شريك في حبالة القضاء.
هذا وتوفى رضي الله عنه ببغداد سنة مائة وخمسين، وهو ابن سبعين سنة، ويروى آنه لما قبض شمع هاتف يهتف وينشد هذين البيتين: يا قائم الليل كثير الصيام يا صائم الدهر خطير المقام أجازك الله بما تبتغي من جنة الخلد ودار السلام ودفن في بغداد في الجانب الغربي منها في موضع يسمى بالخضرية (بفتح الخاء والضاد على ما ذكره المجد في القاموس، وهو الموضيع الذي يزار به قبره الآن ويتبرك به القاصي والداني، وأول من بنى عليه القبة أبو سعيد وزير الملك السلجوقي بناها سنة تسع وأربعمائة وربط لها أوتافا وافية، ثم لما فتح الأراضي السلطان سليمان وقدمها جدد بناء المرقد، وضاعف له الأوقاف وزيد ولما كان المرقد وما في حواليه من البيوت والبساتين تهدم وتضمحل بسبب تسلط ماء دجلة عليها، حيث إنها واقعة بقربها، صدر الفرمان السلطاني والأمر الخاقاني من السلطان بن السلطان أبو الفتوح محمد خان إلى وزيره الأكرم عمر باشا المفخم سنة خمس وثماتين وألف ببناء سديد ومسنى مشيد، فينى الوزير المشار إليه سدا طوله خمسماية ذراع وعمقه خمسة عشر ذراعا وعرضه أربعة أذرع، وعمر أيضا القبة الحنيفة وبنى ما يحتاج إليه من الترميم فكمل ذلك سنة اثنين وتسعين وألف بعد الهجرة قلت: وفي سنة آلف وماثتين ونيف ذهب منارته الوزير الخطير سليمان باشا الكبير وحكى له بعض الأكابر في السن أن الذي كان يعمل ذهب المنارة رجل من العجم يقال له ميرزا ربيع فبينما هو يشتغل مع عملته
Bogga 143