فأما معجز القرآن فكفاية، مع إجماع الأمة من الآفاق أن الذي بعث بتهامة في مكة وأتى بهذا القرآن هو محمد ^، وأنه رسول من الله، ولا يجتمع أهل الآفاق إلا على الصواب، فدل بما تلونا صحة نبوة محمد ^.
فإن قال قائل: إن اليهود والنصارى ينكرونه؟
قيل له: إن اليهود والنصارى يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، كما قال الله: {وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون}، وقد وجدوا صفته ونعته في كتابهم، فهم وإن لم يقروا به في الظاهر فهو عندهم رسول الله، وأنه نبي الله في الباطن، فلا يغير جحدانهم وكتمانهم شيئا إلا أنفسهم.
فإن قال أحد منهم: دلونا على ما تدعون.
قيل له: الدليل لكم أنه النبي الذي بشر به موسى وعيسى في التوراة والإنجيل.
فإن قالوا: فإنا لا نعرف ذلك!؟
قيل لهم: فأنتم أيضا على غير الهدى، فما دليلكم على ما في أيديكم؟
فإن قالوا: إنا على دين موسى وعيسى اللذين تقرون بهما.
قيل لهم: فإنا لا نعرف موسى وعيسى اللذين تقولون إلا اللذين أخبرنا بهما نبينا محمد ^، فإن يكن صادقا عندكم فعليكم اتباعه، وإن يكن كاذبا عندكم فيما قال فأنتم على الضلال عندنا؛ لأنا لا نعرفهما إلا بما جاء به محمد، فليس لكم علينا حجة في أن تصح لكم علينا نبوته، فعليكم الدليل أن موسى وعيسى نبيان كما تزعمون.
فإن قالوا: أتيانا بالتوراة والإنجيل.
قيل لهم: ومحمد أتانا بالقرآن المفرق بين الحق والباطل.
فإن قالوا: لا نعرف ذلك!.
Bogga 87