151

Jamic

جامع أبي الحسن البسيوي جديد

Noocyada

ولو كانوا لا يستطيعون السمع على معنى قوله: {فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا} لعذرهم كما عذر أولئك.

فالاستطاعة عندنا قد تجوز أن تنسب في رجل وتنفى عنه في حالة واحدة؛ لأن الرجل إذا كان صحيحا ففيه صحة، وتسمى استطاعة بصحة، وهو تارك لبعض الأفعال، ويقال: هو غير مستطيع لهذا الفعل، كما أن موسى كان في استطاعة صحة الجوارح، وكان غير مستطيع للصبر؛ لأن الصبر لم يكن فاعلا له في تلك الحال، فثبت أنه لا يقال للإنسان: يستطيع هذا الفعل؛ إلا أن يكون الفعل موجودا.

فإذا قلت في الصحيح: هذا لا يستطيع فعل كذا وكذا، فإنما تريد بذلك أنه ليس بفاعل له ولا موفق، وإن لم يشأ كون هذا الفعل منه ليس يريد بذلك أنه عاجز عنه، محال بينه وبينه، كما أن المريض أو الفقير إذا قلت: لا يستطيع، إنما تقول: إنه عاجز.

فإن قال قائل: أيستطيع الكافر الإيمان في حال ما هو كافر؟ قيل له: لا.

فإن قال: لم قلت ذلك؟ قيل له: إنما لم نقل: إنه لا يستطيع الكافر الإيمان؛ لأنه عاجز عنه سقيم الجسم، وقف عنه من أمرين: يرده على أنه سقيم القلب؛ لأن سقيم القلب مانع من الاستطاعة، وسقيم القلب يرد قبول الإيمان، ولا يكون سقيم الجسم كذلك، وهذا من الكتاب، والله أعلم.

الاستطاعة من مانع معذور كما عذر من لم يستطع الصوم -المريض-، وإنما قلنا: لا يستطيع الإيمان على حد ما قال الله: {ما كانوا يستطيعون السمع}، وهم غير معذورين، وكما قال: {إنك لن تستطيع معي صبرا}، ونحو ذلك على هذه اللغة التي لم توجب لصاحبها عذرا، قال الشاعر: /109/

Bogga 151