148

Jamic

جامع أبي الحسن البسيوي جديد

Noocyada

ألا ترى أن افتراقهما في الحدث والكون بعد أن يكونا، فكذلك لا يجب افتراقهما في باب الضرورة والكسب افتراقهما في الخلق.

فإن قال قائل: ما أنكرت أن يكون الذي دل على أن إحدى الحركتين مخلوقة لله، وهي حركة الاضطرار؛ لأنها وقعت معجوزا عنها، فإذا وقعت الأخرى مقدورا عليها، فإن خرجت بأن تكون له مخلوقة؟

قيل له: لو وجب ذلك لم يؤمن أن تكون حركة المرتعش /106/ من الفالج والحمى قد أقدر عليها بعض ملائكته، وكان لا يستحيل عند مخالفينا أن يقدر القادر من المخلوقين على أن يفعل في غيره فبطل دلالتها على أن الله تعالى فعلها على ما هي عليه.

وكذلك القول في حركات الفلك، واجتماع السماء وتأويلها وتأليفها، فإذا كان هذا هكذا فقد بطلت دلالة هذه الأشياء أن يكون الله خلقها، ولم يؤمن أن يكون لأجزاء السماء جامع غير الله، ولا الأفلاك والكواكب محرك غيره.

وإذا لم يجز ذلك فقد بطل ما قالوه: إن الشيء إذا كان مقدورا عليه لغير الله أن يكون مخلوقا.

وأيضا: فإن العجز ليس يدل على أن الله تعالى خلق المعجوز عنه، بأولى من أن تكون القدرة التي فعلها الله -تبارك وتعالى- دلالة على أن الله تعالى خلق المقدور عليه، فهو عليه أقدر، كما أن ما خلق فينا من العلم فهو به أعلم، وكما خلق السمع فهو له أسمع، فإذا استوى ذلك في قدرة الله عليه وجب إذا قدرنا على حركة الاكتساب أن يكون هو الخالق لها فينا كسبا لنا؛ لأن ما قدر عليه أن يفعله فينا كسبا لنا، وإذا دل على أنه كسب لنا استحال ألا نكون له مكتسبين؛ فدل على ما قلنا على أنا لم نكتسبه إلا وقد خلقه الله لنا كسبا.

فإن قال قائل: فإذا كان كسب الإنسان خلقا ، فما أنكرتم أن يكون له خلقا؟

Bogga 148