قيل له: المعاصي هي فعل العاصي إذا عصى الله الآمر له، وهي من العاصي كسب لا خلق، والله تعالى خلق المعصية معصية من فعل العاصي قبيحة مسخوطة، معاقب عليها من فعلها إذا عصى الآمر له، والمسلمون لا يرضون بالمعاصي، ورضى الله تعالى هو ثوابه، ولا يثيب الله العاصي.
فأما من عمل بالمعصية مختارا فهو راض بما عمل من المعاصي، ورضى الله تعالى هو ثوابه، ولا يثيب الله العاصي على عصيانه. وقد سماه الله عاصيا وجعل فعله معصية، وحكم عليه أنه عاص فيما ارتكب من نهيه.
وذلك الذي سماهم به، وحكم به عليهم، فعلى العباد الرضى بذلك الحكم، واجب عليهم أن يرضوا بما سماهم به، وجعلهم عصاة لمعصيتهم كرضاهم بعافيتهم وبلائهم، وقد تبين لكل ذي عقل أن فعل الله وما حكم به على أهل المعصية من العقوبة محكم متقن غير متناقض ولا مشتبه.
فإن قال قائل: فأين الدليل، على أنه خلق /88/ المعاصي؟
قيل له: قول الله تعالى: {وخلق كل شيء فقدره تقديرا} ومعاصيهم شيء. وقال: {إنا كل شيء خلقناه بقدر} فأفعالهم شيء. وقال: {والله خلقكم وما تعملون}، وقال: {خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون}؛ أي: تكذبون؛ لأن الإفك هو الكذب، {لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى}.
وإنما صار الكافر كفورا لتغطيته نعم الله عليه، بكفره وارتكابه ما نهاه الله عنه، فعصاه بذلك، ولم يشكر ولم يطع. والكفر أيضا لا يعاقب، إنما العقوبة على الكافر بفعله الكفر، وعصيانه الأمر وارتكابه النهي.
Bogga 124