وأما الخاص والعام فمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصلاة خير موضع، فمن شاء فليقلل ومن شاء فليكثر)، هذا عموم في كل وقت، والخاص المعترض عليه مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بعد صلاة العصر، حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الصبح، حتى تطلع الشمس) (¬1) والخاص يعترض على العام، والعام لا يعترض على الخاص، وليس مثل هذا يكون نسخا؛ لأن النسخ حقيقة أن يرفع الكل. وأما ما سمي (¬2) الشيء باسم الفعل قبل كونه، قوله تعالى: { ?واستشهدوا شهيدين من رجالكم } ? (¬3) فسماهما شهيدين ولم يقع الفعل منهما؛ ولما جاز أن يشهد مثلهما ويكون في الحال الثانية ممن يشهد، ويستحق الاسم جاز أن يجري عليهما اسم ما يستحقان (¬4) من بعده، وكذلك قوله عز وجل فيما حكاه عن صاحب الملك: { ?إني أراني أعصر خمرا } (¬5) وليس بخمر في حال العصر، وإنما يعصر عنبا حلالا، ولكن لما جاز أن يصير خمرا، ويستحق اسم الخمر من بعد، جاز أن يسمى بالاسم الذي ينتقل إليه. وكذلك الصيد يسمى صيدا قبل اصطياده ويقع عليه اسم الصيد فسمي صيدا أيضا بعد أخذه. وقد يجري على الشيء اسم فعل قد انقضت أوقاته، نحو قوله جل ذكره: { ?فألقي السحرة ساجدين } ? (¬6) فأجرى عليهم في حال سجودهم، وبعد توبتهم وإسلامهم إسم السحر الذي كانوا عليه قبل إسلامهم، وكذلك قوله عز وجل: { والذين يتوفون ويذرون منكم أزواجا } (¬7) يعني بذلك والله أعلم اللواتي كن أزواجا، ومثل هذا كثير، ويوجد في اللغة جوازه. وأما ما يجئ لفظه لفظ الآمر، والمراد به الخبر مثل قول الله: { ?اعملوا بما شئتم إنه بما تعملون بصير } (¬8) فابتداؤه كالأمر وهو خبر قرن بوعيد.
¬__________
(¬1) متفق عليه.
(¬2) في (ج) يسمى.
(¬3) البقرة: 282.
(¬4) في (ج) يستحقانه.
(¬5) يوسف: 36.
(¬6) الأعراف: 120.
(¬7) البقرة: 234.
(¬8) فصلت: 40.
Bogga 69