Jamic
جامع ابن بركة ج1
Noocyada
واختلف الناس في غسل الميت يغسل ثم يحدث قبل أن يدخل أكفانه. فقال بعضهم: يعاد عليه الغسل ما أمكن، وقال أصحابنا: يعاد عليه الغسل خمس مرات ثم يدرج في أكفانه، وقال غيرهم: إذا غسل ثم أحدث لم يعد عليه الغسل ثانية ووضيء وضوء الصلاة، (وقال آخرون: يغسل الحدث وحده، والنظر يوجب عندي أن يوضأ وضوء الصلاة (¬1) ، لأن فرض غسله قد سقط بالغسلة الأولى، وإعادة الغسل عليه لا يلزمهم؛ لأنه فرض ثان لا يجب إلا بخبر يقطع العذر ويلزمه (¬2) العمل به، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع بين الحي والميت في الحرمة، ويجب أن يفعل فيه كما يفعل في المحدث الحي إذا أحدث بعد سقوط الغسل عنه، والله أعلم. وغسل الميت فرض على الكفاية إذا قام بغسله البعض سقط عن البعض الآخر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إغسلوا موتاكم) (¬3) فهذا خطاب للمسلمين، فكل ميت من أهل الإسلام واجب غسله لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا الشهيد فإن النبي صلى الله عليه وسلم خصه من جملة موتى المسلمين فأخرجه منهم بالنهي عن غسله بقوله: (زملوهم في ثيابهم ودمائهم) (¬4) ، والشهداء هم الذي يقتلون في الحرب، وليس كل مقتول ظلما هو شهيد، وإن كان قد خالفنا كثير من مخالفينا فزعم أن كل مقتول ظلما فهو شهيد، حتى ذكر أن الساقط من النخلة، ومن سقط عليه شيء فقتله فهو شهيد، والشهداء (¬5) عندنا هو المتفق عليه من قتل في حرب المسلمين محاربا معهم، ومعنى قوله عليه السلام: (زملوهم في ثيابهم) (¬6) أي لفوهم فيها، وكل ملفوف فهو مزمل.
باب في الحائض
الثاني من كتاب الوضوء وما ينقض الطهارة
ونحو ذلك من النجاسات وغير ذلك.
بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين:
¬__________
(¬1) ما بين قوسين ساقطة من (ج).
(¬2) في (ج) ويندم.
(¬3) متفق عليه.
(¬4) رواه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي.
(¬5) لعلها: الشهيد.
(¬6) تقدم ذكره.
Bogga 254