فأمسوا وقود النار (¬1) في مستقرها وكل كفور في جهنم صائر.
يريد أمسوا حطبها. وقال آخر أيضا:
أحب الموقدين إلي موسى وحرزة (¬2) لو أضاء لنا الوقود.
ويريد أضاء اللهب والله أعلم.
وأما الوضوء مما مست النار على ما جاءت به الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالوضوء مما مست النار، وهو عندنا غسل اليد والفم، وكانت الأعراب لا تغسل منه وتقول: فقد الطعام أشد علينا من ريحه. فأفاد رسول الله صلى الله عليه وسلم بغسل الأيدي مما مست النار من الأطبخة والشواء من الدهونية (¬3) ، يقولون: إذا غسلوا أيديهم وأفواههم من الأطعمة توضأنا، هكذا نعرف في اللغة والله أعلم.
وروي عن الحسن البصري أنه قال: الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر، وبعده ينفي (¬4) الهم (نسخة) اللمم، والوضوء مأخوذ من الوضاءة ومن النظافة والحسن، منه قيل: وضيء الوجه، أي نظيفه وحسنه، فكأن الغاسل وجهه وضاه أي نظفه وحسنه، ومن غسل عضوا من أعضائه فقد وضاه، والوضوء الذي في كتاب الله هو الغسل.
والمتوضئ يقول: مسحت، والمسح خفيف الغسل؛ لأن الغسل للشيء تطهير له بإفراغ الماء، والمسح له تطهير بإمرار الماء، وقد كانوا يجتزئون بالقليل من الماء ولا يسرفون. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بمدين (¬5) من ماء، والمد قيل: إنه رطل وثلث برطل زماننا. فهذا يدل على أنه كان يمسح أعضاءه وهو لها غاسل؛ والغسل عند أصحابنا هو إفراغ الماء وإمرار اليد على البدن، وهو قول مالك وابن (¬6) عليه؛ وأما غيرهم (¬7) فصب الماء عندهم بظاهر اللغة، واحتج من ذهب إلى هذا المعنى بقول بعض الشعراء (¬8) :
¬__________
(¬1) في (ج) الناس.
(¬2) في (ج) حرره.
(¬3) في (ب) و (ج) الزهومة.
(¬4) في (أ) ينقي.
(¬5) في (ج) بمد من ماء.
(¬6) وابن عليه من (ب) و (ج) في (أ) وأثر عليه.
(¬7) في (ج) غيرنا.
(¬8) ناقصة من (ج).
Bogga 199