? وقد قال بعض مخالفينا ووافقه على ذلك بعض أصحابنا إن للملتقط أن يردها إلى مكانها ولا شيء عليه، وهذا عندي غلط من قائله؛ لأنه عرضها للتلف بإلقائه لها بعد أن صارت في يده وخلصت لصاحبها عنده، وخالف أمر النبي عليه السلام في أمره إياها بحفظها وتعريفها، فأقل أحواله أنه ضامن لها، واتفق أصحابنا على تضمين الملتقط اللقطة إذا عرفها حولا، وأمروه بالصدقة بها، ولم يسقطوا عنه الضمان بعد أن يفرقها على الفقراء، ووافقهم على ذلك الحسن البصري. وأمروه بحفظها لصاحبها، بأن يتصدق بها بعد الحول إذا لم يعرف ربها، وألزموه بعد ذلك ضمانها ولم يجعلوه إن سرقت خصما في مطالبتها إذا وجدها مع سارقها، ونحن نطلب لهم الحجة في ذلك إن شاء الله. والقاصد إلى أخذ (¬1) اللقطة لا يخلو بأن (¬2) يكون تناولها لنفسه، أو تناولها ليحفظها لصاحبها، أو تناولها غافلا في أخذها لا ليخون ربها فيها، ولا محتسبا في أخذها لمالكها. فإذا كانت أحوال اللقطة لا تخلو من هذه الوجوه الثلاثة، والنظر يوجب عندي إن كان قصد إلى أخذها لنفسه ثم عزم على ردها وتاب من نيته وفعله، فعليه الضمان في حال أخذه مال غيره بتعديه فيه، فالضمان الذي يلزمه بها لا يبرئه منها، إلا الخروج إلى صاحبها منها، وإن كان أخذه لها غافلا في أخذها فالضمان أيضا يلزمه؛ لأن الخطأ في الأموال يوجب الضمان، وأرجو أنه لا إثم عليه إذا لم يقصد إلى التعدي. وأما إن كان أخذها ليحفظها على ربها محتسبا لأخيه المسلم في ماله وحفظه له متأولا بذلك قول الله تبارك وتعالى: { وتعاونوا على البر والتقوى } (¬3) ،
¬__________
(¬1) في (ج) لأخذ.
(¬2) في (ج) من أن.
(¬3) المائدة: 2..
Bogga 142