فإن قال: فإن كلفه أن يقذف المحصنات، أو يقول في أحد من المسلمين ما ليس فيه ، هل يجوز له ذلك؟ قيل له: نعم إذا خاف على نفسه القتل أو الضرب الشديد المؤدي إلى الهلاك، فإن قال: ولم أجزتم قذف المحصنات هو كذب عليهن، وكذلك القول فيالمؤمن بما ليس فيه ولا يشبه هو كذب.
وقد أباح الله جل ذكره عند الاضطرار الكذب لقوله: ? { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } (¬1) ، فعذره في هذا الحال وهو يقول: { إن الله ثالث ثلاثة } وهذا أعظم الكذب؛ لأنه كذب على الله تعالى، فالكذب على المسلمين أيسر إذا لم يعرف المعاريض، فأما إذا عرف المعاريض فليس له أن يقول إذا قدر (¬2) ، ألا ترى إنهم لو قالوا له: قل إن محمدا يكذب على الله، وهو يعرف محمدا آخر يكذب على الله في تنزيل أو تأويل، فقال محمد كذاب: (وهو يعني محمد الكذاب) (¬3) ، فإن قال (¬4) : فإن كلفه الزنا وخاف القتل إن لم يفعل؟ قيل له: لا يجوز له ذلك؛ لأن الزنا ظلم للمرأة فليس له أن يظلم غيره ليحيي نفسه. فإن قال: فإن كانت المرأة راضية بذلك مطاوعة له هل له ذلك؟ قيل له: لا يجوز له أيضا ذلك ولو طاوعته؛ لأنه ظلم لها لما يكلفها (نسختين) يلحقها من العار والعيب القبيح، والإثم العظيم عند الله عز وجل، وإذا كانت بذلك راضية؛ لأن الله جل اسمه لم يأذن لها بأن ترضى به، فرضاها بما لم يجعل الله الرضاء لها به لا (¬5) يصير غير ظلم (¬6)
¬__________
(¬1) النحل: 106.
(¬2) في (ج) عذب.
(¬3) ناقصة من (ج).
(¬4) في (ج): كان.
(¬5) في (أ): لأنه.
(¬6) في (أ): ظالم..
Bogga 126