Jamaliyat Al-Mufrada Al-Qur'aniyya
جماليات المفردة القرآنية
Daabacaha
دار المكتبى
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
١٤١٩ هـ - ١٩٩٩م
Goobta Daabacaadda
دمشق
Noocyada
والحق أن الختم على القلوب يوحي بالقوة، وبثبات الفكر في أعماق المنافق، وأعراض المرض تفيد التقلّب، ومثل نظرة دراز تستأهل التقدير لدقّة النظر، وقد قال تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها «١»، فالقفل يفيد القوة والثبات.
قد كان ينتظر من المحدثين منهجية أدقّ في تفصيل جزئيات التصوير القرآني، فهو يتخذ مفهوما عاما عند قطب يشمل الصورة والتعبير بالحرف والنغمة، وأما سائر الدارسين، فقد زينوا كتبهم بنتف متناثرة هي أحوج إلى الترتيب والمعيارية.
وتنقصهم النظرة الشمولية ليس في استيفاء السور كلّها، بل في متابعة اللفظة الحسية المستعارة في كل البيان القرآني، مما قد يعطينا رأيا جديدا، وثباتا لفهم أسلوب القرآن، فمثلا إذا أردنا أن نتحدث عن تجسيم كلمة «ثقيلا» في قوله تعالى: وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا «٢» فلا بدّ من استقصاء لوجود هذه الكلمة في حيز الاستعارة لتتبدّى لنا معالم جماليتها فنذكر قوله تعالى:
إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا «٣». في مخاطبة النبي الكريم ﵊، وقوله عن الساعة: ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً «٤»، ومنه نجد أن الثقل خصّ بالدعوة الإسلامية لجلالها، وأهمية التكليف بالإيمان، وخصّ يوم القيامة بالثقل، وهو كائن زمني محدّد ومعنوي، فالثقل يبعث على تهويل أمره لما يجد فيه الكافرون من مشقّة، وكذلك الأمر في ثقل الساعة، وكأنها تهبط على القلوب، فتغلظ فيها، وكأنها مادة يعاني وطأتها الإنسان، ويتكسر قلبه.
والمحدثون لم يمنهجوا جمالية المفردة، لأن كتبهم غير مختصة بالبلاغة القرآنية غالبا، بله المفردة القرآنية، فأغلب كتبهم تحدثت عن علوم القرآن كلّها، وخصّصت الفصول القليلة للبلاغة القرآنية، وإذا جنحوا إلى تخصيص
(١) سورة محمد، الآية: ٢٤.
(٢) سورة الإنسان، الآية: ٢٧.
(٣) سورة المزّمّل، الآية: ٥.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ١٨٧.
1 / 117