على ابن المسيب عن سعيد والتهمة لهما في ذلك أوكد لأنهما جعلا ذلك عذرا في نكثهما البيعة والخروج عن الطاعة وطلب الرياسة والإمرة فلم يجدا إلى ذلك سبيلا مع ما كان منهما في ظاهر الحال من البيعة على الطوع بلا إجبار إلا بدعوى الإكراه والإحالة في ذلك على الضمائر والبواطن التي لا يعلمها إلا الله وقد ثبت في حكم الإسلام الأخذ لهما بمقتضى الاقرار منهما في البيعة والقضاء عليها بلزوم الطاعة لهما لمن بايعاه والخلاف عليهما لإمامهما الذي اعترفا ببيعتهما له وصفقا له بأيديهما على يده بالعقد له على ظاهر الرضا والإيثار وسقوط دعواهما للباطن المضاد للحكم الظاهر من ذلك وما زعماه من حكم الكراهة في قلوبهما على ما ادعياه.
مع أن ظهور مشاحتهما لأمير المؤمنين (ع) ومظاهرتهما له بالعداوة وبلوغهما في ذلك الغاية من ضرب الرقاب وسفك الدماء يبطل دعواهما على ما يقدح في عدالته ويؤثر في إمامته ويمنعه حقا له على كل حال.
على أنه لو ثبت الإكراه في البيعة لأمير المؤمنين لمن ادعى المخالفون إكراهه لم يقدح ذلك في إمامته (ع) على أن أصول شيعته الدائنين بالنص عليه من رسول الله صلى الله عليه وآله تقتضي ذلك لأن الإمام المنصوص عليه المفترض طاعته على الأنام أن يكره من أبي طاعته ونصرته بالسوط والسيف على ذلك حتى يفئ إلى أمر الله والانقياد له ويزول بذلك ما يحذر من فسادهم وفتنهم ولا يؤثر أيضا في إمامته على مذهب المخالفين القائلين بالاختيار لأنه إذا بايع عندهم من أهل الفضل عدد محصور ثبت له العقد ووجبت له الطاعة وكان له إكراه من أبي البيعة ورام الخلاف والعصيان وأعمال السوط والسيف في ردعه عن ذلك وإكراهه على الطاعة والدخول مع الجماعة ومعلوم أن أمير المؤمنين قد بايعه على الرضا به من لا يحصى عددهم كثرة ممن جاهد معه في حروبه وبذل دمه في نصرته من المهاجرين البدريين والأنصار العقبيين وأهل
Bogga 55