لذلك أنه محل الإمامة فقدم عليه وأفسد حاله في الدنيا والدين حتى خرج منها صفرا مما كان يرتجيه.
وأما أسامة بن زيد فإن النبي صلى الله عليه وآله كان ولاه في مرضه الذي توفي فيه على أبي بكر وعمر وعثمان فلما مضى رسول الله سبيله انصرف القوم عن معسكره وخدعوه بتسميته مدة حياتهم له بالإمرة مع تقدمهم عليه في الخلافة وصانعوه بذلك مما خالفوه فيه من السمع له والسير معه والطاعة واغتر بخداعهم وقبل منهم مصانعتهم وكان يعلم أن أمير المؤمنين لا يسمح له بالخداع ولا يصانعه مصانعة القوم ويحذر من التسمية التي جعلوها له ولا يرفعه عن منزلته ويسير به سيرته في عبيده وموالي نعمته إذ كان ولائه له بالتعتق الذي كان من نزاعه النبي صلى الله عليه وآله لأبيه بعد استرقاقه فصار كذلك بعد النبي صلى الله عليه وآله غير أنه منه في الولاء فكره الانحطاط عن رتبته التي رتبها القوم فيه ولم يجد إلى التخلص من ذلك إلا بكفر النعمة والمباينة لسيده والخلاف لمولاه فحمل نفسه على ذلك لما ذكرناه.
وأما محمد بن مسلمة فإنه كان صديق عثمان بن عفان وخاصته وبطانته فحملته المعصية له على معاونة الطالبين بثاره وكره أن يتظاهر في الكون في حيز المحاربين فهم المباينين طريقهم ولم ير بمقتضى الحال معاونة أعدائهم ولا سمحت نفسه بذلك فأظهر من العذر بتأخره عن نصرة أمير المؤمنين بخلاف باطنه منه مما كره وسترا لقبيح سريرته.
وأما عبد الله بن عمر فإنه كان ضعيف العقل كثير الجهل ماقتا لأمير المؤمنين (ع) وراثة الخلف عن السلف ما يرثونه من المودة والعداوة وكان أمير المؤمنين (ع) مع ذلك قد شجاه بهدر دم أخيه عبيد الله لقتله الهرمزان وأجلاه عن المدينة وشرده في البلاد لا يأمن على نفسه من الظفر به فيسقط قودا فلم تسمح نفسه بطاعة أمير المؤمنين (ع) ولا
Bogga 47