وأباح لها أن تخرج، ولو كانت العدة حولًا لم يبح لها ذلك، ولم تكن مخيرة فيه، ومن لم يفرق بين هذا، وبين قوله ﷿: (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) .
ويميز بين المكث الواجب كيف جاء بهذا اللفظ؟
وبين المكث الراجع إلى الاختيار كيف جاء باللفظ الآخر؟
فقد سلب آلة التمييز.
بل الآية المتأخرة دالة على تقدم الأولى بقوله ﷿: (فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ)
أي فَإِن اخْتَرْنَ الخروج بعد بلوغ الأجل المذكور في الآية المتقدمة فلا حرج.
وقد قال مجاهد: إن الآية محكمة، ولها السكنى، والنفقة من مال
زوجها إن شاءت، وإن قلنا: إن ذلك قد كان، ثم بطل بأنه "لا وصية
لوارث "
فذاك موافق لما عليه الجمهور.
وَأمَّا أن نقول: إنها منسوخة بما تقدمها فلا.
وهذا الموضع من أقبح ما ذكروه في كتاب الله ﷿، ثم ذكر بعد هذه المتعة متعة الطلاق، فقال ﷿ عَقِيب هذه الآية: (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١) .
ومن ذلك قول ابن زيد في قوله ﷿: (إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا)
إنه منسوخ بقوله ﷿: (وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ)