Jamal Din Afghani
جمال الدين الأفغاني: المئوية الأولى ١٨٩٧–١٩٩٧
Noocyada
الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار . ومن ثم فاحتمالات الحرب بين الأديان قليلة نظرا لاعتراف الإسلام بالديانات الثلاث في حين أن احتمالات حروب الأديان في اليهودية والمسيحية أكبر لعدم اعتراف اليهودية بالمسيحية والإسلام وعدم اعتراف المسيحية بالإسلام. فالإسلام مرفوض مرتين، من اليهودية والمسيحية، وهما مقبولان منه. وقد يفسر ذلك أحيانا تكاتف وتضامن اليهودية الغربية «الصهيونية» والمسيحية الغربية في العداوة ضد الإسلام منذ الحروب الصليبية حتى احتلال فلسطين ومذابح البوسنة والهرسك وحرب الشيشان. وإذا كانت آية السيف قد نسخت ثلث القرآن من أجل رفع القهر عن الناس والإيمان بالله وحده فإن القتال قد يقع اضطرارا كما لاقى الرسول من أذى الكفار فاضطر للقتال، وكتب على الناس وهو كره لهم. وقد خير الإسلام الناس بين الإسلام أو الجزية من أجل صون النفوس. أما القتال فهو من أجل تحرير الأرض من الشرك والطغيان والعدوان على الناس معنويا وماديا. لذلك خيم العدل المطلق على فتوحات الإسلام بمبادئه وليس بالقهر والسيف كما يدعي الغرب. وعم الإسلام جزيرة العرب، ولم تقم إلا غزوات محدودة اتقاء لطغيان قريش حتى عام الفتح. وانتشر في اليمين بدون قتال. ولم تتجاوز جيوش أبي بكر وعمر أربعين ألف مقاتل. ودخل الإسلام الشام وفلسطين وحلب والعراق ومصر وفارس حتى الصين دون أن تكون الحرب في كل الحالات وسيلة لنشره. أما الآيات التي تقرأ في القرآن التي تحث على الاستعداد للقتال، مثل
وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل . فلا يعني سفك الدماء بل مجرد التخويف والردع كما يقال في الأسلحة النووية حاليا وكما نص القرآن
ترهبون به عدو الله وعدوكم . وكما قال مولتكه
أبطال الحرب لإبطال الحرب . ولكن عم الجهل، وكثرت التفسيرات للباء والصاد حتى جهل المسلمون الحقائق العلمية مثل كروية الأرض ودورانها حول الشمس ودون أخذ المخترعات الحديثة كالبرق والسكك الحديدية منه حتى لا يكذبه الناس. إنما أشار إلى ما هو حادث وما يمكن حدوثه في المستقبل مع مراعاة العقول والتقريب إلى الأذهان. إذن العنف ليس هو الأصل في التاريخ بل التسامح. والحرب ليست أداة لتحريك التاريخ إلا دفاعا. قوانين التاريخ هي الفضائل والرذائل، للنهضة والسقوط.
18 (3) قوانين التاريخ
وتبلغ ذروة فكر الأفغاني في فلسفته للتاريخ وكيف أنه ميدان للاعتبار ومرآة تكشف صدق النص، وأن الآية القرآنية حصيلة استقراء طويل؛ فالنص والواقع شيء واحد داخل التجربة الإنسانية الفردية والاجتماعية ومقاييس صدقها. وهذا هو معنى الوعد الإلهي ووراثة الأرض ونصر المؤمنين وإظهار الدين. وقوانين التاريخ مثل قوانين الطبيعة حتمية ضرورية؛ لأن العقل أي الروح هو محرك التاريخ وهي الإرادة الإلهية في التاريخ ومساره. وهي سنن الكون، وسنن الله في الأمم. والتاريخ دورات طبقا للتصور الحيوي، بين الماضي والحاضر، بين النهضة والسقوط ثم النهضة من جديد بفضل الإصلاح والرقي والتمدن ووسائله. وللتاريخ فعالياته، العقل والدين والعلم والجهاد. وهو ميدان السياسة والصراع السياسي بين الاستعمار والتحرر، وبين الغرب والشرق.
فالتاريخ مرآة للأفراد والشعوب، يقرءون فيها تاريخ البشرية وخبراتها السابقة، ويستفيدون منه العظات والعبرات. ومن تولى زمام أمور الجمهور لا غنى له عن مرآة وكتاب وتاريخ صحيح. فكما أن المرآة تريه شخصه على علاته هكذا يفعل التاريخ أيضا، ينقل أعماله في حياته وحياته في قوانين التاريخ. وقد نبه القرآن على ذلك في آيات العبرة؛ مثل
أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ،
قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين . فالتاريخ للعظة والاعتبار والتذكير والذكرى
وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ،
Bog aan la aqoon