Jalis Salih
الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
Tifaftire
عبد الكريم سامي الجندي
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Daabacaad
الأولى ١٤٢٦ هـ
Sanadka Daabacaadda
٢٠٠٥ م
Goobta Daabacaadda
بيروت - لبنان
Gobollada
•Ciraaq
Boqortooyooyin
Khalifada Ciraaq
فَإنَّك غفورٌ رَحِيم " فقد عرض العاصِي للغُفْران فَلَو قَالَ: فإنَّك عزيزٌ حَكِيم، أَوْ عَذَابُك عذابٌ أَلِيم، فَبِمَ تحْتَجُّ يَا جَاهِل إِلا بالجاهلين، شَرُّ الْخلف خَلَف شَتَم السَّلَف، واللَّه لواحدٌ من السَّلَف خير من ألفٍ من الْخلف.
القَوْل فِي كلمة " خلف "
قَالَ القَاضِي: فِي هَذَا الْخَبَر قَدْ حَرَّك لَام الْخلف، وَقد اخْتلف أولو الْعلم باللغة والعربية فِي هَذَا، فَقَالَ معظمهم: يُقال: هَؤُلاءِ خَلَفُ صدقٍ بِالتَّحْرِيكِ، وخَلْف سوءٍ بالتسكين، وَمن أَمْثَال الْعَرَب فِي الَّذِي يُطِيل السُّكُوت ثُمّ يتَكَلَّم بالفاسد من الْكَلَام: " سكت ألْفًا ونَطَقَ خَلْفًا " وَمِنْه قَول لبيد:
ذَهَبَ الَّذِين يُعَاشُ فِي أكْنَافِهِمْ ... وبقيتُ فِي خلفٍ كَجِلْدِ الأَجْرَبِ
وذُكِر أَن أَعْرَابِيًا كَانَ مَعَ قومٍ فحَبِق فتَشَوَّر ثُمّ أَوْمى بِيَدِهِ إِلَى اسْتِه، فَقَالَ: خَلْفُ سوءٍ نَطَقتْ خَلْفًا، ويُقَالُ للمحال الْفَاسِد من الْمقَال: هَذَا خَلْف، وَذكر الْأَخْفَش أَنَّهُ يُقَالُ: خلفٌ للمتَّبعِ لمن سَلَف قَبْله، وخَلْف لمن أَتَى بعد من تقدمه من غَيْر تَفْرِيق مِنْهُ بَيْنَ الْمَدْح والذم فِيهِ، وَهَذَا قَول حسن غَيْر مستبعد، وَقَدْ يَكُون تَحْرِيك اللَّام فِي الْخلف فِي هَذَا الْخَبَر لاقترانه بالسلف كَمَا قَالَ من قَالَ: من العَيْر الخَيْر، كَمَا قَالُوا: الغدايا والعشايا، وَهَذَا بَاب يَتَّسِع منظومه ومنثوره، وَقَدْ أَتَيْنَا بِهِ أَوْ بمعظمه فِي مَوَاضِع من كتبنَا.
وقَالَ الفَرَّاء: هُوَ خَلَف سوءٍ من أَبِيهِ، وَلَك عِنْدِي خلفٌ من مَالك، وَرُبمَا ثَقّلوا خَلف سوءٍ، وَهُوَ قَلِيل.
وَصِيَّة مُعَاوِيَة
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْن الْحَسَن بْن دُرَيْد، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو حَاتِم، عَنِ الْعُتْبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: لَمَّا اشْتَكَى مُعَاوِيَةُ مَشْكَاتَهُ الَّتِي هَلَكَ فِيهَا أَرْسَلَ إِلَى فاس مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فَخَصَّ وَلَمْ يَعُمَّ، فَقَالَ: يَا بَنِي أُمَيَّةَ! إِنَّهُ لَمَّا قَرُبَ مَا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، وَخِفْتُ أَنْ يَسْبِقَكُمُ الْمَوْتُ إِلَيَّ سَبَقْتُهُ بِالْمَوْعِظَةِ إِلَيْكُمْ، لَا لأَرُدَّ قَدَرًا وَلَكِنْ لأُبَلِّغَ عُذْرًا، لَوْ وُزِنْتُ بِالدُّنْيَا لَرَجَحْتُ بِهَا، وَلَكِنِّي وُزِنْتُ بِالآخِرَةِ فَرَجَحَتْ بِي، إِنَّ الَّذِي أُخَلِّفُ لَكُمْ مِنَ الدُّنْيَا أمرٌ سَتُشَارَكُونَ فِيهِ أَوْ تُغْلَبُونَ عَلَيْهِ، وَالَّذِي أُخَلِّفُ لَكُمْ مِنْ رأيٍ أَمْرٌ مَقْصُورٌ عَلَيْكُمْ نَفْعُهُ إِنْ فَعَلْتُمُوهُ، مخوفٌ عَلَيْكُمْ ضَرَرُهُ إِنْ ضَيَّعْتُمُوهُ، فَاجْعَلُوا مُكَافَأَتِي قَبُولَ وَصِيَّتِي، إِنَّ قُرَيْشًا شَارَكَتْكُمْ فِي نَسِبِكُمُ وَبِنْتُمْ مِنْهَا بفعالكم، فقدمكم مَا تقدتم فِيهِ، إِذْ أَخَّرَ غَيْرُكُمْ مَا تَأَخَّرُوا لَهُ، وَبِاللَّهِ لَقَدْ جُهِرَ لِي فَعَلِمْتُ، وَنُغِمَ لِي فَفَهِمْتُ، حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَبْنَائِكُمْ بَعْدَكُمْ نَظَرِي إِلَى آبَائِهِمْ قَبْلَهُمْ، إِنَّ دَوْلَتَكُمْ سَتَطُولُ، وَكُلُّ طَوِيلٍ مَمْلُولٌ مَخْذُولٌ، فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّتُكُمْ كَانَ أَوَّلُ تَجَادُلِكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ، وَاجْتِمَاعُ الْمُخْتَلِفِينَ عَلَيْكُمْ، فَيُدَبَّرُ الأَمْرُ بِضِدِّ الْحُسْنِ الَّذِي أَقْبَلَ بِهِ، فَلَسْتُ أَذْكُرُ عَظِيمًا يُرْكَبُ مِنْكُمْ وَلا حُرْمَةً تُنْتَهَكُ، إِلا وَالَّذِي
1 / 377