356

Jalis Salih

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي

Tifaftire

عبد الكريم سامي الجندي

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Daabacaad

الأولى ١٤٢٦ هـ

Sanadka Daabacaadda

٢٠٠٥ م

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

Gobollada
Ciraaq
Boqortooyooyin
Khalifada Ciraaq
الْحَسَن، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَتَاهِيَة ينشد الْمَأْمُون:
مولَايَ أَعْلَمُ ذِي علمٍ بِمَا يَأْتِي ... يزيدُني كُلّ يومٍ فِي كراماتي
لَمْ يأتِ شَيْئا من الْأَشْيَاء أعْلمُهُ ... إِلا تحرّى بِهِ برِّي ومرضاتي
أُعْطِيتُ فَوق المنى من سيدٍ ملكٍ ... وخصني اللَّهُ مِنْهُ بالكراماتِ
عَدُوُّهُ من جُمَيْع النّاس كلهم ... فَالْحَمْد للَّه من يَبْغِي معاداتي
فَقل لحاسدِ هَذَا الحبِّ مُتْ كَمَدًا ... فَالْحُبُّ يَقْسِمُهُ ربُّ السَّموات
إِن لَمْ يعاودُهُ شكري فِي مدائحِهِ ... فَلَا تملَّيْتُ مِنْهُ حُسْنَ عاداتي
فَقَالَ الْمَأْمُون: أَنْت يَا أَبَا إِسْحَاق تمدحنا مُنْذُ خمسين سنة، لَو كُنْت تَذُمُّنا لكَانَتْ لَك حُرْمة، وكل مَا نفعلُه بك من استحقاقك.
المجلِسُ التاسِع وَالأربَعُونَ
الحبُّ فِي اللَّهِ وَمَنْزِلَتِهِ
أَخْبَرَنَا الْمُعَافِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الْمُقْرِي أَبُو الْعَبَّاسِ الزُّبَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ الرَّسِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ فِي رجلٍ زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللَّهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ لَهُ الْمَلَكُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ أُسَلِّمُ عَلَيْهِ، قَالَ: هَل لَهُ عَلَيْهِ قَرْضٌ؟ قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ يُعْلِمُكَ أَنَّهُ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ ".
تَعْلِيق الْمُؤلف
قَالَ القَاضِي: هَذَا خبرٌ مَعْرُوف قَدْ كتبناه عَنْ عددٍ من الشُّيُوخ من طرق شَتَّى، وأتى فِي مَعْنَاهُ عَنِ النَّبيّ ﷺ عدةٌ من الْأَخْبَار، وَأَنه قَالَ فِي بَعْضهَا: إِن اللَّه تَعَالَى ذكره، قَالَ: " حَقتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مُحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ، وَإِنَّ الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ ".
مِمَّا أشبه هَذَا مِمَّا يرغب فِي التحابِّ فِي اللَّه والتواصُل فِيهِ، وَإِنَّمَا يُخْلص الْمَوَدَّة والمخالة فِي اللَّه وَلَهُ مَعَ التَّقْوَى، وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَثر: " أَنَّهُ مَا تحاب قطّ رجلَانِ فِي اللَّه إِلا كَانَ أحبُّهما إِلَى اللَّه أشدهما حبا لصَاحبه "، مَتى عَرِيَ المتحابَّان من تقوى اللَّه فَإلَى أشدِّ الْعَدَاوَة مآلهما، وأقبحُ التباغُض عَاقِبَة أَمرهمَا، وَقَدْ قَالَ اللَّه ﷻ: " الأَخِلاءُ يومئذٍ بَعْضُهُمْ لبعضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ " وَقَد اقْتصّ اللَّه من أَحْوَال الْكفَّار وإخوانهم وطَوَاغِيتهم وأذْنَابِهم، وَمن تَبَرُّؤ بَعضهم من بعض، ولَعْنِ بَعضهم بَعْضًا، مَا فِيهِ تنبيهٌ للناظرين، وعظةٌ للمعتبرين، واللَّه نسْأَل التَّوْفِيق لما يرضيه، والْعِصْمة من جُمَيْع معاصية.

1 / 360