247

Jalis Salih

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي

Baare

عبد الكريم سامي الجندي

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى ١٤٢٦ هـ

Sanadka Daabacaadda

٢٠٠٥ م

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

الشَّمْس أَوْ من التَّاء فِي لَيست، كأَنَّه قَالَ: لَيْسَت فِي حَالَة بكاء، وَقَدْ تكون سادَّةً مسد خبر لَيْسَ، وَنصب نُجُوم اللَّيْل بكاسفة. وَأشهر الجوابات فِي هَذَا وأعرفها، وأقربها مأخذًا أَن جملَة معنى هَذَا القَوْل: أَن الشَّمْس لَمْ تَقْوَ عَلَى كَسْفِ النُّجُوم وَالْقَمَر لإظلامها وكسوفها، وَقَدْ قَالَ قَائِلُونَ: نَصَبِ نُجُوم اللَّيْل بقوله: تبْكي، وَالْمعْنَى: تبْكي عَلَيْك مُدَّة نُجُوم اللَّيْل وَالْقَمَر، فنصب عَلَى الظّرْف. وَحكى عَنِ الْعَرَب: لَا أُكَلِّمك سَعْد الْعَشِيرَة أَيّ زَمَانَه، وقَالَ آخَرُونَ: المعني تغلب ببكائها عَلَيْك بكاءَ نُجُوم اللَّيْل، وَفِي هَذَا التَّأْوِيل وَجْهَان، أَحَدهمَا أَن يَكُون أُرِيد بالنجوم وَالْقَمَر الساداتُ الأماثل، كَمَا قَالَ النَّابِغَة فِي مدح النُّعْمَان بْن الْمُنْذر: ألم تَرَ أَن اللَّه أَعْطَاك سُورةً ... تَرى كُلّ ملكٍ دُونها يَتَذَبْذَبُ فَإنَّك شمس والملوكُ كواكبُ ... إِذا طلعتْ لَمْ يَبْدُ مِنْهُنَّ كَوْكَبُ وَقَدْ تَأَول الْمُفَضَّل الضَّبِّيّ قَول الفَرَزْدَق: أخذْنا بآفاقِ السَّماءِ عَلَيْكُم ... لنا قمراها والنجومُ الطوالِعُ أَنَّهُ عَنى بالقمر: مُحَمَّدًا وإِبْرَاهِيم صلّى اللَّه عَلَيْهِمَا، وبالنجوم الطوالع: أَئِمَّة الدّين وخلفاء الْمُسْلِمِين، وَإِن كَانَ غَيره قَدْ تَأَول ذَلِكَ أَنَّهُ الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب، وَمثل هَذَا أَيْضا: وَمَا لتغلب إِن عدوا مساعيهم ... نجمٌ يُضيءُ وَلا شمسٌ وَلا قَمَرُ وَهَذَا التَّأْوِيل فِي تبْكي أَي تغلب ببكائها من الْبَاب الَّذِي يُقَالُ فِيهِ: خاصمني فَخَصمته وغالبني فغلبته، كَمَا قَالَ الأخطل: إِن الفَرَزْدَق صَخْرَة ملمومةٌ ... طَالَتْ فَلَيْس نيالها الأوعالا يُرِيد: طَالَتْ الأوعال فَلَيْسَتْ تنالها أَنْت، ذهب إِلَى هَذَا أَبُو بَكْر بْن الْأَنْبَارِي، وَمَا علمت أحدا سبقه إِلَيْهِ، وجائزٌ أَن يَكُون الْمَعْنى: أَن الأوعال ليستْ تنَال الصَّخرة وَقَدْ طالتها، وَتَكون من بَاب الفاعلين والمفعولين اللَّذين يفعل كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه مثل مَا فعل بِهِ، مثل: ضربت وضربني زيدٌ وزيدًا، وَلِهَذَا مَوضِع ييسر فِيهِ. وَأما من رَوَى: نُجُوم اللَّيْل والقمرا، فَإنَّهُ من بَاب الْمَفْعُول مَعَه، كَقَوْلِهِم: اسْتَوَى المَاء والخشبة، وَمَا صنعت وأباك، وَمِنْه قَول الشَّاعِر: فكونُوا أنْتُمُ وَبَنِي أَبِيكُمْ ... مَكَانَ الْكُلْيَتَيْنِ من الطَّحَالِ ويروى: الشَّمْس كاسفةً لَيست بطالعة، فَإنَّهُ استعظم أَن تطلع وَلا تكسف مَعَ الْمُصَاب. وَمثل: ألم تكسف الشَّمْس فِي الْبَيْت الَّذِي قدمنَا ذكره، مثل هَذَا قَول الشَّاعِر: أَيَا شَجَرَ الخابُور مَالَكَ مُورقًا ... كأنَّكَ لَمْ تَجْزَع عَلَى ابْن طَرِيف

1 / 251