Jalis Salih
الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
Baare
عبد الكريم سامي الجندي
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى ١٤٢٦ هـ
Sanadka Daabacaadda
٢٠٠٥ م
Goobta Daabacaadda
بيروت - لبنان
فَصَبَّتْ فَخَرَجَ لِيَتَوَضَّأَ فَلَسَعَتْهُ أَفْعَى، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: هُوَ فِي النَّارِ، وَقَوْلُهُ فَلْيَتَبَوَّأْ أَيْ فَلْيُوَطِّنْ نَفْسَهُ وَيَعْلَمْ أَنَّهُ تَبَوَّأَ معقده من النَّار أَي تكون لنار مُبَوَّأً لَهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ: " بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ " أَيْ جَعَلْنَاهَا مَنْزِلا لَهُمْ، قَالَ ابْنُ هِرْمَةَ:
وَبُوِّئْتُ فِي صَمِيمِ معشرها ... فتمَّ فِي قَومهَا مُبوَّؤُهَا
وَقَالَ بَعْضُ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ يُخَاطِبُ الْفَرَزْدَقَ:
لَقَدْ بوَّأتك الدَّارَ بكرُ بْنُ وائلٍ ... وَقَرَّتْ لَكَ الأحشاءُ إِذْ أَنْتَ مُحْرِمُ
وَقَول اللَّه تَعَالَى: " وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لنبَوِّئّنَهم مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا " من هَذَا الْبَاب، وَكَذَلِكَ قَرَأَ جُمْهُور أَهْلَ الْحجاز وَالشَّام وَالْبَصْرَة والكوفة، وَقَرَأَ عدد من الْكُوفِيّين مِنْهُم حَمْزَة وَالْكسَائِيّ: لنثوينهم من الثواء، كَمَا قَالَ الْحَارِث بْن حلزة:
آذنَنْتَنا بِبَيْنِهَا أسْمَاءُ ... رُبَّ ثاوٍ يملُّ مِنْهُ الثُّواءُ
وَفِي تصريف الْفِعْل من هَذَا لُغَتَانِ يُقَالُ: ثوى يثوي وأثوى يثوي، ويروى بَيت الْأَعْشَى عَلَى وَجْهَيْن:
أثْوَى وقَصّر ليلةٌ ليُزَوَّدَا ... فَحَنى وأخلفَ من قُتَيْلةَ موعِدا
ويروى أثوى عَلَى الْوَجْه الرباعي، ويروى أَثَوى بِلَفْظ الِاسْتِفْهَام عَلَى أَنَّهُ ثلاثي، وَلَو قيل ثوى من غَيْر تَقْدِيم عَلَى أَن يكون الْجُزْء الأوّل من الْبَيْت مخروما لَكَانَ ذَلِكَ صَوَابا.
ذكر بعض نَوَادِر الْأَخْبَار
مَجْنُون بني سَعْد
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القَاسِم الأنبَاريّ إملاءً من حَدِيثه سنة سِتّ وَعشْرين وثلثمائة، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمَرْزُبَان، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن صَالح الْيَشْكُرِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن محبّ الْمَازِنِيّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: لمّا قَدِمَ سُلَيْمَان بْن عليّ الْبَصْرَة واليًا عَلَيْهَا قيل لَهُ: إنَّ بالْمِرْبد رَجلا من بني سَعْد، مَجْنُونا سريع الْجَواب لَا يتَكَلَّم إِلَّا بالشعر، فَأرْسل إِلَيْهِ سُلَيْمَان بْن عليّ قَهْرمانه، فَقَالَ لَهُ: أجب الْأَمِير، فَامْتنعَ فجرّه وَزبَره، وخرَّق ثَوْبه، وَكَانَ الْمَجْنُون يَسْتَقِي عَلَى نَاقَة لَهُ فاستاق القهرمان النَّاقة وأتى بهَا سُلَيْمَان بْن عليّ، فَلَمّا وقف بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ لَهُ سُلَيْمَان، حيّاك اللَّه يَا أَخا بني سَعْد، فَقَالَ:
حيّاك ربُّ النّاس من أَمِير ... يَا فاضلَ الأَصْل عَظِيم الخيرِ
إِنِّي أَتَانِي الفاسِقُ الجلْوازُ ... والقلبُ قَدْ طَار بِهِ اهتزازُ
فَقَالَ سُلَيْمَان: إنّما بعثنَا إِلَيْكَ لنشتري نَاقَتك، فَقَالَ:
مَا قَالَ شَيْئا فِي شِرَاء الناقهْ ... وَقد أَتَى بِالْجَهْلِ والحماقةْ
فَقَالَ: مَا أَتَى؟ فَقَالَ:
خَرّق سِرْبالي وشَقّ بُرْدتي ... وَكَانَ وَجْهي فِي الملا وزيني
1 / 15