285

Jala Caynayn

جلاء العينين في محاكمة الأحمدين

Daabacaha

مطبعة المدني

أحدهما - أن الحسن والقبح ليسا لذات الفعل وليس للفعل صفة يحسن الفعل أو يقبح لأجلها عند الأشعري.
وثانيهما - أن فعل العبد ليس باختياره عنده، فلا يوصف بالحسن والقبح ومع ذلك جوز كونه متعلق الثواب والعقاب بالشرع، بناء على أن عنده لا يقبح من الله تعالى أن يثبت العبد أو يعاقبه على ما ليس باختياره، لأن الحسن والقبح لا ينسبان إلى أفعال الله تعالى عنده.
فالحسن والقبح بالمعني الثالث يكونان عند الأشعري بمجرد كون الفعل مأمورًا به ومنهيًا عنه. فالحسن عنده ما أمر به والقبيح ما نهى عنه. وعند المعتزلة ما يحمد على فعله سواء يحمد عليه شرعًا أو عقلًا. والقبح ما يذم على فعله. ثم بعد ما أبطل دليل الأشعري بما يطول نقله قال: وعند بعض أصحابنا يعني الحنفية والمعتزلة حسن بعض أفعال العباد وقبحها يكونان لذات الفعل أو لصفة له ويعرفان عقلًا أيضًا، لأن وجوب تصديق النبي ﷺ إن توقف على الشرع يلزم الدور، وإن لم يتوقف على الشرع كان واجبًا عقلًا فيكون حسنًا عقلًا. وأيضًا وجوب تصديق النبي ﷺ موقوف على حرمة الكذب، فهي إن ثبتت شرعًا يلزم الدور، وإن ثبتت عقلًا يلزم قبحًا عقلًا.
ثم قال: ولما أثبتنا الحسن والقبح العقليين - وفي هذا القدر لا خلاف بيننا وبين المعتزلة - أردنا أن نذكر بعد ذلك الخلاف بيننا وبينهم، وذلك في امرين:
أحدهما - أن العقل عندهم حاكم مطلقًا بالحسن والقبح على أن الله تعالى وعلى العباد. أما على الله تعالى فلأن الأصلح واجب على الله تعالى بالعقل، فيكون تركه حرامًا على الله تعالى. والحكم بالوجوب والحرمة يكون حكمًا بالحسن والقبح ضرورة. وأما على العباد فلأن العقل عندهم يوجب الأفعال عليهم

1 / 287