وفي مساء يوم الإثنين خرج سرحان النمر وبكري الشماع ومعهما صميدة الضبع أحد عمال متولي القدامى، ويمت بصلة قرابة لبكري الشماع. خرج ثلاثتهم في بهيم الليل ومع كل منهم مسدس سريع الطلقات، وكان صميدة يحمل في يده صفيحة من البنزين وكان الثلاثة يحمل كل منهم عصا غليظة. وكانت الأوامر التي صدرت إليهم ألا يقتلوا أحدا من الخفراء إلا إذا اضطروا لذلك ضرورة حتمية، كما كانت الأوامر تقضي بأن يبتعدوا مع إشعال النار عن السور الذي يفصل وكالة متولي عن وكالة مدبولي.
كان على باب وكالة مدبولي خفير مسلح، فاجأه سرحان بضربة عنيفة على رأسه أفقدته الوعي. وكان ثلاثتهم يعلمون أن بالوكالة ثلاثة خفراء، ووجد المهاجمون الخفراء الثلاثة يدخنون الجوزة حول نار أوقدوها.
وضع صميدة صفيحة البنزين على الأرض، وتهامس ثلاثتهم وعرف كل منهم الشخص الموكول به أن يضربه. وتم ما اتفقوا عليه دون أن يلاقوا من الخفراء الثلاثة أية مقاومة. وراح صميدة يصب البنزين على البضاعة الموجودة بالوكالة جميعها، مبتعدا عن السور الفاصل بين الوكالتين، وخرج المهاجمون الثلاثة سالمين وتم الحريق. •••
عرف مدبولي الفاعل، ونصحه محاميه عاطف الزيني أن يقدم بلاغا إلى النيابة يتهم فيه متولي بالحريق. وقال مدبولي: لا شك أنه هو ولكن أين الدليل؟ - نقول في التحقيق إنك ليس لك أعداء إلا هو. - أنت تريد أن تعمل قضية من الهواء. هل هذا يصلح دليلا؟ وأرتج على عاطف وسلم أمره إلى الله. •••
ذهب مدبولي إلى متولي في الوكالة وكان توفيق جالسا معه: عملتها يا متولي؟ - ما هي التي عملتها؟ - لا فائدة من الكلام، طبعا لن تعترف. - إن كنت عملت حاجة أعترف. - أنا قلت لك لا فائدة من الكلام. طلباتك؟ - أنا ليس لي طلبات. - معنى هذا أنك لن تسكت عني. - أنا فعلا ساكت عنك. - قل طلباتك. - إن كان على طلباتي فأنت تعرفها. - أعرفها، ولكن أحب أن أسمعها منك.
وهنا قال توفيق: كلاكما يعرف ما يريد من الآخر، فما الداعي لإضاعة الوقت؟
وقال مدبولي: وهو كذلك يا سي توفيق. أنا أعلم أن متولي لا يريدني أن أبيع أرخص منه. - أليس هذا عدلا؟ - لا شأن لنا بالعدل. لك علي أن نتفق على السعر كل شهر. - وهو كذلك. - وطبعا لن تبيع بسعر أقل من سعري. - توكلنا على الله. •••
الفصل التاسع
قال توفيق لمتولي: أنا أرى أن أثمان المباني ترتفع. - فعلا، ففي الأيام السود كان لا أحد يضع حجرا على حجر مخافة أن يصادر. - المهم أريد أن أشتري العمارة التي أسكن بها. - طبعا أنت تعرف أن الشراء لن يكون على الأساس الذي اشتريت به شقتك. - أنا أعرف، وأنا أريد الشراء قبل أن ترتفع الأسعار.
وركبا سيارة توفيق وذهبا إلى مكتب الحاج خيري الوزان، وقال توفيق: أريد أن أشتري العمارة التي أسكن بها. - ومن أدراك أني أريد بيعها؟ - يا حاج خيري أنت مقاول كبير، والمقاول يحتاج لمال سائل ولا يهمه أن تكون له عمارات. - ولكني لم أعرضها للبيع. - احمد ربنا أنني أتقدم لشرائها، فأنت لم تبع فيها إلا شقتي أنا والشقق الأخرى المؤجرة لا تكسب منها إلا قروشا. - فلماذا تريد أن تشتريها؟ - مغفل. - العفو لا بد أنك ناوي على نية. - النية التي عندي حتى الآن هي الشراء. - وأنا بائع. - نتكلم في الثمن.
Bog aan la aqoon