وهو في كتاب التجميع يعقد موازنة بين الحيوان والنبات من حيث تفصيل الأعضاء في كل منهما؛ ففي النبات الورق والثمر واللحاء، كما أن في الحيوان العظام والعروق واللحم وغير ذلك، ولعله أراد بالموازنة أن يبين أن الدماغ في الحيوان لا يقابله شيء في النبات مما يستلزم أن نخص الحيوان بالنفس وحدها، أو بالنفس والعقل معا، ولا نجعل هذه الصفة للنبات.
وكذلك يوازن بين النبات والحيوان من حيث الطبائع،
25
وها هنا يجد تشابها بينهما في أن كلا منهما ينقسم ثلاثة أقسام في مراحله التطورية، وهي: الأول، والبليد، والذكي. وهو تقسيم قريب الشبه جدا بما نجده عند كثيرين من الفلاسفة الذين يقسمون الكائنات الحية الشاعرة على أساس درجة الإدراك مثل الذي نراه عند ليبنتز واسبينوزا، فهنالك نجد المرحلة الأولى هي مرحلة اللاشعور، وهي المرحلة التي تتمثل في النبات مثلا، ثم مرحلة الشعور، وهي التي تتمثل في الحيوان، ثم مرحلة الشعور بالذات، وهي التي تتمثل في الإنسان الذي يشعر ويكون على وعي بأنه شاعر. ونعود إلى جابر في تقسيمه للحيوان والنبات إلى: أول، وبليد، وذكي؛ وها هنا نجد لمحة منهجية رائعة، حين يقول ما معناه: إنني لم أقسم النبات إلى هذه الأقسام الثلاثة لمجرد علمي بأن الحيوان ينقسم إليها، بل إنني قسمته إلى هذه الأقسام لأنني وجدته كذلك. ومعنى هذا أن جابرا لا يقيم أحكامه العلمية على تأمل، بل يقيمها على تجربة، وأيا ما كان الأمر، فالتقابل هنا تام بين الحيوان والنبات؛ الأول في الحيوان كالأول في النبات، والبليد هنا كالبليد هناك ، وكذلك الذكي، وبليد النبات عنده هو الذي يبقى برهة من الزمان يسيرة ثم يذهب، كما قد نجد في الحيوان مثل ذلك؛ ولم يضرب لنا جابر من النبات أمثلة تحدد ماذا يعني بالجانب الذكي منها.
وأما الحجر - أي الجماد - فهو ينقسم ثمانية أنواع، وكل واحد من تلك الأنواع الثمانية ينقسم ثلاثة أقسام،
26
وذلك على الوجه الآتي: (أ)
متحجر، منسحق، غير ذائب. (ب)
متحجر، غير منسحق، غير ذائب. (ج)
متحجر، غير منسحق، ذائب. (د)
Bog aan la aqoon