نقل المنادي كلمات السيد الأعظم إلى ريبيكا، التي أحنت رأسها في خضوع، وضمت ذراعيها، ورفعت ناظريها إلى السماء، فبدت وكأنها تتوقع أن يأتيها ذلك العون من السماء؛ إذ لم تعد قادرة على أن تمني نفسها بأن يأتيها من بشر. وخلال هذا التوقف المرعب، سمعت صوت بوا جيلبرت في أذنيها، ولم يكن سوى همسة ، لكنه أجفلها أكثر مما يبدو أن صيحات المنادي قد فعلت.
قال فارس الهيكل: «ريبيكا، أتسمعينني؟»
قالت الفتاة التعسة: «لا شأن لي بك، أيها الرجل الفظ القاسي القلب.»
قال فارس الهيكل: «أجل، ولكن أتفهمين كلماتي؟ لأن نبرة صوتي مرعبة في أذني أنا نفسي. إنني لا أعلم على أي أرض نحن، ولا لأي غرض جلبونا إلى هنا. هذه الساحة المحاطة بالأسوار وذلك الكرسي وهذه الحزم من الحطب، أعرف الغرض منها، ولكنها تبدو لي شيئا غير حقيقي.»
ردت ريبيكا: «إن ذهني وحواسي متصلان من ناحية الشعور والزمن، وكلاهما يقول لي إن حزم الحطب هذه مجهزة لتحرق جسدي الأرضي، وتفتح ممرا مؤلما ولكنه قصير إلى عالم أفضل.»
قال فارس الهيكل: «اسمعيني يا ريبيكا، إن لديك فرصة أفضل في الحياة والحرية من التي يحلم بها أولئك الأوغاد وذلك الخرف. امتطي جوادي خلفي. فوق زامور، الجواد الشهم الذي لم يخذل راكبه قط، وفي ساعة واحدة قصيرة، نكون قد خلفنا وراءنا بمسافة طويلة أي مطاردين ومستجوبين؛ لينفتح أمامك عالم جديد من السعادة، وأمامي مسار جديد من الشهرة. لينطقوا بالحكم الذي أزدريه، ويمحوا اسم بوا جيلبرت من قائمة عبيد الدير! سأغسل بالدماء أي وصمة قد يجرءون على إلقائها على شعار نبالتي.»
قالت ريبيكا: «اغرب عن وجهي، يا فارس الهيكل! لن تستطيع في هذه اللحظة الأخيرة أن تزحزحني قيد أنملة عن مثواي. ومع أني محاطة بأعداء فإني أعدك أسوأهم وأكثرهم قسوة. انصرف بحق اسم الرب!»
كان ألبيرت مالفوازان منتبها لطول مدة حديثهما، ونفد صبره فتقدم لمقاطعته.
سأل بوا جيلبرت: «هل اعترفت الفتاة بذنبها، أم أنها مصرة على إنكارها؟»
قال بوا جيلبرت: «إنها مصرة كل الإصرار.»
Bog aan la aqoon