Ittihaf Abna Casr

Amin Wasif d. 1346 AH
74

Ittihaf Abna Casr

إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر

Noocyada

الملك العادل كتبغا

هو الملك العادل «زين الدين المنصوري»، أصله من مماليك قلاوون، وحصل في أيامه غلاء مفرط؛ لأن مد النيل قصر حتى أكل الناس الجيف. وفي زمنه وفد على مصر طائفة من المغول فرارا من ملكهم غازان يدعون باسم «الأويراتية». فإنه لما تغلب التتار على ممالك الشرق والعراق وجفل الناس إلى مصر نزلوا بالحسينية، وعمروا بها المساكن وأيضا أمراء الدولة، وصارت من أعظم عمائر القاهرة، وكان السلطان كلما نزل من القلعة إلى الميدان لم يجد أحدا؛ لقلة الناس وشغلهم بما هم فيه من الغلاء والوباء، واشتد خوفه من الفتنة فأظهر العناية بأمر الأويراتية ؛ لأنهم كانوا من جنسه، وكان مراده أن يكونوا أعوانا له عند الشدائد، فخشوا إيقاعه بهم، فآل الأمر أخيرا بسببهم وبسبب عدم مسيره إلى بلاد الشام لمحاربة التتار إلى قيام بعض الأمراء عليه، فترك الملك وفر هاربا إلى دمشق.

السلطان حسن بن قلاوون

تولى السلطنة وعمره 13 سنة، فعهد إلى الأمير منجك اليوسفي بالوزارة، فنقص كثيرا من مصروف الدولة والرواتب، ومد يده لأخذ الرشوة، وصار يولي الوظائف بمال يأخذه ممن يتولاه، واشتد تحريق النيل، واتفق الرأي على سده من جهة الجيزة لتحويل الماء إلى مصر، ووكل لهذا الأمر وزيره منجك، فجمع أموالا عظيمة من الرعية، وصنع مراكب وشحنها أحجارا ورماها في مجرى النيل مما يلي بر الجيزة فلم تحصل ثمرة، وعزل منجك من الوزارة ثم أعيد إليها ثانيا، واشتد ظلمه وجمع أموالا عظيمة، وكثرت حوادثه إلى أن عزل بالثاني، وحمل إلى الإسكندرية وسلب ماله، ثم أعيد إليه جزء من ماله. وفي سنة 749ه حصل طاعون عم الديار المصرية فخرب البلاد وقتل العباد. وفي سنة 751 جمع السلطان حسن القضاة والأمراء ورشد نفسه، وبعد أيام قبض على جماعة من الأمراء كان منهم منجك المذكور وحملهم إلى الشام، فتعصبوا وقاموا عليه سنة 752ه، وكان رأس الفتنة الأمير «طاز» فقبضوا عليه وسجنوه بالقلعة، فأقام إلى أن أعيد إلى السلطنة ثانيا سنة 755ه، فأقام ست سنين وكسور وقتل سنة 762ه. وفي أيامه بني الجامع المسمى باسمه وجامع شيخون ومدرسته بالرميلة.

أبو المعالي زين الدين شعبان

تولى سنة 764ه، ولقب بالملك الأشرف، وعمره عشر سنين. وكان المتكفل به الأمير «يلبغا العمري». وفي سنة 767ه أراد أن يجعل الأمير «طنبغا الطويل» عامله على الشام، وكان هذا الأمير إذ ذاك برأس الوادي، فأرسل إليه كتابا مع جملة أمراء فلم يمتثل لهذا الأمر واتحد مع الأمراء المرسلين إليه، ورفعوا لواء العصيان، فقام يلبغا وحاربهم وانتصر عليهم بالقرب من الجبل الأحمر بجهة تعرف بقبة النصر وقتل منهم خلقا كثيرا. وفي هذه السنة وردت مراكب صاحب قبرص إلى «الإسكندرية»، فقام عليهم نائب الإسكندرية وحاربهم بما عنده من العرب والعساكر ، فهزموه ودخلوا المدينة ونهبوها وقتلوا كثيرا من أهلها، ورحلوا عنها قبل وصول عساكر الملك إليهم الواردة من القاهرة، وبهذا السبب وكثرة فساد مراكب الفرنج في البحر وقطعهم طرق التجارة شرع في إنشاء مراكب حربية، فلما كملت رحل ليتفرج عليها، وعاد إلى «الطرانة» بقصد النزهة، ونصب بها خيامه، وكان مماليك «يلبغا» قد اتفقوا على قتله فهرب ليلا إلى القلعة، فتوجه المماليك إلى السلطان وأرادوا أن يعينهم، فلم يمكنه غير الموافقة. ولما بلغ «يلبغا» ذلك جمع جموعه واستدعى الأمير «أتوك» أخا السلطان ولقبه بالملك المنصور، وسار به إلى الجزيرة الوسطى والسلطان الأشرف في بر إمبابة، وصاروا يترامون بالنشاب، فسار السلطان وطلع القلعة على حين غفلة، فلما سمع بذلك أصحاب «يلبغا» فارقوه أغلبهم وآل الأمر بالقبض على يلبغا وقتلوه. وكانت داره هي المعروفة الآن «بالحوض المرصود»، وكانت مدة السلطان «زين الدين شعبان» كلها ثورات وتعاظم عليه، وكانت الحروب بالرميلة وبولاق والجزيرة، وجعل للأشراف العمائم الخضر ليمتازوا عن غيرهم. وفي سنة 778ه خرج للحج فلما وصل العقبة قام عليه المماليك، فكر راجعا واختفى بالقاهرة إلى أن قبض عليه وخنق ووضع بزنبيل وألقي في بئر. وفي أيامه ولى الكثير من أولاد الناس المناصب السامية والوظائف العالية، وهو الذي بنى المدرسة الأشرفية تجاه القلعة وهدمت في زمن السلطان «برقوق».

زين الدين الملك حاجي

كان عمره وقت تقليده السلطنة عشر سنين، فلم يكن له من السلطنة سوى الاسم فقط، وكان الأمر بيد برقوق الوزير، وكانت المملكة في حالة الاضطراب؛ لأن كل أمير كان يريد الرياسة، وكثرت العربدة في البلاد، واشتدت نيران الفتن، فاتفق برقوق مع خشداشيته، وهجم على باب السلسلة الذي هو باب العزب، أحد أبواب القلعة، واستحضر الخليفة الموجود وهو المتوكل على الله العباسي والقضاة والأمراء، واتفقوا على خلع الملك الصالح حاجي وتولية برقوق، وتقررت بينهم سلطنة برقوق، فكانت مدة سلطنته سنة وكسورا، فكان من تولى من ذرية الناصر اثني عشر، أقاموا ثلاثا وأربعين سنة، مع أن الناصر محمد بن قلاوون أقام بها أربعا وأربعين سنة، ومدتهم جميعا كانت شدائد حتى اشتد الضرر بالناس، مع أن في مدتهم جددت العمارات الكثيرة بمصر والقاهرة.

الفصل الثالث عشر

دولة الجراكسة

Bog aan la aqoon