Ittihaf Abna Casr
إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر
Noocyada
الملك العزيز بن صلاح الدين
ولما مات صلاح الدين قام بالأمر بعده ابنه العزيز عماد الدين أبو الفتح عثمان، وكان ينوب عن أبيه بمصر في حياته، ولما قبض على زمام مملكة أبيه حصلت حروب بينه وبين أخيه الملك الأفضل استولى فيها على دمشق؛ لوحشة جرت بينهما، وكان العزيز حسن السيرة حميد الأخلاق، وإنما كان ضعيف الرأي حتى إن جماعة من أمراء مملكته وأعيانها أشاروا عليه بهدم الأهرام الكبيرة؛ لزعمهم أن بها دفائن وكنوز، فأصدر أمرا بهدمها، فجمعوا لذلك العمال وصناع اللغم، وجعل عليهم بعض الأمراء، وأقاموا على ذلك ثمانية أشهر، وكان لا يمكنهم إلا خلع حجر أو حجرين في اليوم، فكف عن هذا الأمر بعد أن صرف عليه أموالا جسيمة، وكان ذلك سنة 593ه/1196م، وفي سنة 594ه/1198م منع ما كان يحصل في موسم خليج القاهرة، وكان الناس قد اعتادوا على ذلك من القديم، فعظم الأمر عليهم وحصل الاضطراب، حتى هموا بخلعه والخروج عن طاعته لولا أن بلغهم خبر موته، وذلك سنة 595ه/1199م ودفن بتربة الإمام الشافعي.
الملك المنصور بن الملك العزيز
وبموته اشتدت الفتن؛ لأنه عهد لابنه الملك المنصور وعمره تسع سنين، فقام بأمور الدولة بهاء الدين قراقوش الأسدي (عبد خصي) الأتابكي، فاختلف عليه الأمراء وكاتبوا عنه الملك الأفضل علي، فقدم من «صرخد» واستولى على الأمور، فلم يبق للمنصور معه سوى الاسم، وولد سيدي أحمد البدوي رضي الله عنه في ذلك الوقت، أي سنة 596ه/1200م، وأراد الأفضل أخذ دمشق من عمه الملك العادل، فجهز الجيوش إليها، وحصل بينهما وقائع تمت بهزيمة الأفضل، فدخل العادل مصر وأعاد الأفضل إلى صرخد، وقام بكفالة المنصور ثم خلعه وحبسه بالقلعة حتى مات، واستبد بسلطنة مصر وبلاد الشام، وأخرج المنصور وإخوته من القاهرة إلى الرها، وأخذ في تدبير مملكته، وأعلى شأنها بمحاربة أعدائها والدفاع عنها، وكان جسورا صبورا على الأهوال حليما كريما جزيل العطاء، ومات سنة 615ه/1218م.
الملك الكامل أبو الفتح ناصر الدين محمد
تولى بعد موت أبيه العادل، وهو الذي أتم بناء قلعة الجبل، وأنشأ بها الدور السلطانية في أثناء نيابته عن أبيه سنة 604ه، ولما مات أبوه انتقل من دار الوزارة الكبرى بالدرب الأصفر إليها، وهو أول من سكن القلعة، وجعلها منزلا للرسل، ونقل سوق الخيل إلى الرملية، فأخذت الناس من وقتئذ في تعمير ما حولها من الدرب الأحمر والمحجر وجهة القطائع والصليبة، بعد أن كان بعضها بساتين وبعضها مقابر، وعمر القبة على ضريح الإمام الشافعي رضي الله عنه ومات سنة 635ه ودفن بدمشق.
سيف الدين أبو بكر
ولما مات الكامل قام بالأمر بعده ابنه سيف الدين، ولقب بالملك العادل الأصغر، فوقع بينه وبين أخيه الملك الصالح نجم الدين منازعات، انتهت بخنقه بيد الأمراء؛ لكونهم استوحشوا منه بسبب انهماكه على اللهو واشتغاله بالشهوات، وكان موته سنة 637ه ودفن عند الإمام الشافعي.
الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل
تولى بعد موت أخيه سيف الدين، وفي مدته سنة 647ه أخذ الإفرنج دمياط، تحت قيادة لويز التاسع ملك فرنسا، وهو المعروف عند مؤرخي الإسلام باسم «فرنسيس»، فمات بالمنصورة فأخفت زوجته شجرة الدر موته، وصارت تعلم بعلامته سرا، وحمل إلى القاهرة ودفن هناك، وأرسلت إلى ابنه «توران شاه»، فحضر وكان بديار بكر، فحارب الفرنج وأسر ملكهم لويز التاسع السالف الذكر في واقعة فرسكور، وسجنه بالمنصورة بمحل يعرف بدار لقمان، ووكل بحفظه طواشي يقال له صبيح، وبقي أسيرا إلى ولاية شجرة الدر، وقتل «توران شاه» المذكور بعد أن حكم شهرين، فقامت بالأمر بعده شجرة الدر، وكانت تحسن التدبير عن زوجها، وجعلت عز الدين أيبك التركماني نائبا عنها، وأطلقت لويز من السجن بعد اتفاق بينها وبين الفرنج، وسلموا دمياط إلى المصريين، ودفعوا أموالا جسيمة، وتركوها بعد أن أقامت بيدهم أحد عشر شهرا، ثم تزوجت بنائبها المذكور، وبعد ذلك اتفق الأمراء على تولية الملك الأشرف موسى ابن الملك الصالح، وأشركوا اسمه مع شجرة الدر، وذلك سنة 648ه/1251م، وفي ذلك الوقت عظم أمر المماليك البحرية، وتسلطنوا على مصر، وكانوا ألف مملوك، قد اصطفاهم الملك الصالح لخدمته، وأسكنهم بالقلعة التي بالروضة، وكان لهم على شطوط النيل مراكب مشحونة بالسلاح، ومهمات الحرب، ولهذا كانوا يسمون المماليك البحرية.
Bog aan la aqoon