Midowga Yurub: Hordhac Kooban
الاتحاد الأوروبي: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
على الرغم من تراجع هوامش الأفضلية التي يمنحها نظام الأفضليات المعمم للبلدان الأقل نموا في ظل انخفاض المستوى العام للتعريفات، اكتسبت روابط هذه البلدان مع الاتحاد الأوروبي من خلال برامجه المعنية بالمعونات أهمية متزايدة؛ حيث تبلغ هذه البرامج نحو 10 مليارات يورو سنويا، متضمنة كلا من المعونات الإنسانية والإنمائية لبلدان أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ وسياسة الجوار الأوروبية، كما أبرم الاتحاد اتفاقيات ثنائية للتجارة والتعاون لتقوية روابطه مع البلدان النامية الكبيرة، من بينها الهند والمكسيك والبرازيل، ولديه اتفاقيات مع جماعات إقليمية كالآسيان (رابطة أمم جنوب شرق آسيا). ومنذ انضمام إسبانيا والبرتغال إلى الجماعة عام 1986، أضيفت الروابط الخاصة التي تجمعهما بأمريكا اللاتينية إلى الروابط التي تجمع الدول الأعضاء الأخرى بأفريقيا وآسيا.
على الرغم من صعوبة قياس الأثر الاقتصادي للاتفاقيات والأفضليات والمعونات - وربما لم يكن هذا الأثر عظيما - اكتسب الاتحاد مصداقية سياسية ربما تساعده في التطوير المستقبلي لعلاقاته مع بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. (4) المال
على الرغم من أن تعريفة الاتحاد المشتركة جعلته قوة تجارية تضارع الولايات المتحدة، لم تكن لديه قبل اليورو أداة نقدية قادرة على أن تصبح ندا للدولار في النظام النقدي الدولي. كان تحدي السطوة الأمريكية أحد الدوافع وراء الدعم الفرنسي الطويل لعملة موحدة. وكانت تقلبات أسعار صرف الدولار مثار إزعاج للدول الأعضاء الأخرى أيضا. في البداية عطل ضعف الدولار محاولة إطلاق عملة موحدة في أوائل السبعينيات، ثم شجع الأوروبيين على اتخاذ أول خطوة كبيرة نحو التكامل النقدي بتأسيس النظام النقدي الأوروبي عام 1979. وفي الثمانينيات، أثارت سياسة رفع أسعار الفائدة الأمريكية، التي كانت تستهدف مقاومة التضخم، أزمة في كثير من البلدان النامية، فقيدت التنمية فيها لما يصل إلى عقد من الزمان.
عندما يضطر من يديرون عملة مهيمنة إلى الاختيار بين التعامل مع مشكلة محلية ومراعاة الأثر المترتب على الاقتصادات الأخرى المتأثرة باختيارهم هذا؛ فمن الطبيعي أن يختاروا مصالحهم المحلية. عايش الأوروبيون هذا في التسعينيات عندما أدى رفع أسعار الفائدة الألمانية، الذي كان يستهدف السيطرة على التضخم في أعقاب توحيد ألمانيا، إلى تفاقم الركود في البلدان الأخرى المتأثرة بالمارك الألماني المهيمن، ومنحت هذه التجربة دفعة إضافية للعملة الموحدة، مع سياسة نقدية مصممة خصوصا لتلائم حاجات المشاركين ككل. وفي حين أن ذلك العلاج ليس متاحا للتعامل مع هيمنة الدولار في النظام العالمي، تحول اليورو إلى قوة نقدية موازنة كبيرة، على الرغم من أزمة منطقة اليورو.
وهكذا صار اليورو مصدرا آخر للمال ذا دورة اقتصادية مختلفة، وهو ما يمكنه من معادلة نفوذ الدولار عندما يعمل ضد مصالح البلدان الأخرى، لكن هناك عاملين أساسيين حدا من هذا الأثر؛ فأولا: لا يزال هناك ترتيب غير واضح لتسيير السياسة النقدية الخارجية؛ إذ تنقسم المسئولية بين البنك المركزي الأوروبي ومجلس وزراء المالية. وثانيا: أثبتت المشكلات الهيكلية المتواصلة التي تثيرها أزمة منطقة اليورو أيضا أنها مثار اضطراب كبير جدا. إذن فالاتحاد لم يغتنم بعد بالكامل الفرصة التي يتيحها اليورو لاستبدال علاقة أكثر تكافؤا بالسطوة الأمريكية، على نحو ما فعلت السياسة التجارية المشتركة منذ نشأتها فيما يتعلق بالتجارة. (5) الأمن: حفظ السلام وتغير المناخ
غير أن السطوة الأمريكية في مجال الدفاع ستظل بلا منازع على مدى المستقبل المنظور. ولن يضطر الأوروبيون إلى تحمل نفقات هائلة فحسب عند أي محاولة للاستقلال عن القوة الاستراتيجية الأمريكية، بل إن أي قوة مكتسبة على هذا النحو سيلزم أيضا أن تكون تحت سيطرة دولة أوروبية ديمقراطية راسخة تمتلك تاريخا من الموثوقية في اتخاذ القرار؛ لذا يواصل الأوروبيون اعتمادهم على الدرع الاستراتيجية لحلف شمال الأطلسي تحت القيادة الأمريكية، وستتمثل أغلبية جهودهم في ميدان الدفاع في المساهمة في حفظ السلام، وصنع السلام، ولا سيما في الإجراءات التي ترعاها الأمم المتحدة، وسوف يواصل الأوروبيون اعتمادهم على الحماية الأمريكية للدفاع عن إقليم الاتحاد ضد التهديدات الكبرى.
ليس من الحكمة أن نفترض أنه لن تدعو الحاجة أبدا إلى مثل هذه الحماية في عالم بدأ يصير متعدد الأقطاب من منظور استراتيجي واقتصادي على السواء، ويضم عددا متناميا من الدول التي تملك أسلحة دمار شامل، إضافة إلى أنه يمكن أن تبرز تهديدات عسكرية لمصالح الاتحاد ربما لا يقدر الأمريكان على التعامل معها، أو لا يرغبون في ذلك؛ لذا فالأرجح أن يواصل الاتحاد بناء قدرته الدفاعية، وكذلك الحفاظ على التحالف، مع استخدامه في الوقت نفسه قوته الناعمة لتعزيز قيام عالم أكثر أمانا.
استأنف الاتحاد - كما رأينا في الفصل الثامن - تطوير أنشطته العسكرية دون مزيد من التأخر، في أعقاب الانقسامات الداخلية أثناء التجهيز للتدخل الأمريكي في العراق. وفي عام 2003، أقر المجلس الأوروبي بإجماع الآراء استراتيجية لتعزيز الأمن حول الاتحاد وفي النظام الدولي. وفي عام 2004، حلت قوة تابعة للاتحاد قوامها 7 آلاف فرد محل قوة الناتو في البوسنة، مع استخدام أصول الناتو وقدراته. كما اضطلع بعمليات أصغر حجما، لكن لها أهميتها في جورجيا ومقدونيا وجمهورية الكونجو الديمقراطية، وكانت الأخيرة بادرة مشروع إنشاء مجموعات قتالية دشن في العام نفسه. وبحلول عام 2006، أرسل الاتحاد قوة لحفظ السلام قوامها نحو 8 آلاف فرد إلى لبنان بعد الحرب بين حزب الله وإسرائيل. ومنذ عام 2008، قدم الاتحاد الأوروبي موارد وافرة لمكافحة القرصنة في الصومال من خلال مهمة «أطلنطا» التي أنفذها.
هكذا واصل الاتحاد إنشاء قدرة يعتد بها على تقديم مساهمات عسكرية في حفظ السلام وصنع السلام، والتي من أهم متمماتها قدرته على المساهمة في العناصر المدنية لحفظ السلام، بجانب خبرته في المساعدة على بناء دول ديمقراطية. ثمة مثال - وهو ناتج مباشرة عن تنفيذ مهمة عسكرية ناجحة - هو المهام الشرطية كالمهمة التي أنفذها الاتحاد في البوسنة؛ حيث تسلم المسئولية عام 2003 من قوة شرطة تابعة للأمم المتحدة، وتلتها أخريات في مقدونيا وجمهورية الكونجو الديمقراطية والأراضي الفلسطينية. بوجه أعم، يملك الاتحاد خبرة كبيرة في المساعدة على تطوير المؤسسات السياسية والقضائية والإدارية، وهياكل المجتمع المدني، ولا سيما بين دول أوروبا الوسطى والشرقية التي تعد أنفسها للانضمام، وكذلك في دول غرب البلقان وما هو أبعد من ذلك. ومن شأن هذا أن تكون له أهمية كبيرة من حيث تطبيقه على نطاق أوسع في عالم يمكن أن تشكل فيه الدول المتداعية أو الآخذة في التداعي خطرا أمنيا شديدا، في حين تستطيع الديمقراطيات ذات الأساس المتين أن تساهم كثيرا في علاقات دولية مستقرة.
البيئة هي الأخرى جانب حيوي من جوانب الأمن، حيث يعد تغير المناخ من أخطر التهديدات التي تحيق برفاه سكان العالم، وربما بأرواحهم، وقد قدم الاتحاد مساهمة كبرى في الجهود الدولية للتصدي له. ففي 1986، عندما بات واضحا أن مركبات الكلورو فلورو كربون يمكنها تدمير طبقة الأوزون؛ ومن ثم تعريض الحياة على الأرض للخطر، نجحت الجماعة الأوروبية في كسر حالة من الجمود شهدتها المفاوضات بشأن بروتوكول مونتريال الملحق باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ؛ ومن ثم أوقف التدهور. ثم في 1997، لعب الاتحاد الدور القيادي في المفاوضات بشأن بروتوكول كيوتو الملحق باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لوقف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيره من غازات الدفيئة، التي تولد درجة من الاحترار العالمي يمكن أن تكون كارثية. وعلى الرغم من المقاومة الأمريكية الشرسة للمستهدفات، وكذلك للمساعدة التي تحتاج إليها البلدان النامية من أجل التحول التكنولوجي اللازم، ضمن الاتحاد الأوروبي التوصل إلى اتفاق على مستهدف خفض الانبعاثات بحلول عام 2012 إلى أقل من مستوياتها في 1990 بنسبة 8 في المائة، كما ضمن الحصول على تصديقات كافية على البروتوكول، على الرغم من المعارضة الأمريكية الشديدة، كي يدخل حيز التنفيذ في فبراير 2005. وكان التصديق النهائي المطلوب هو تصديق روسيا، التي شجعها عليه فيما يبدو استخدام الاتحاد إحدى أدوات سياسته التجارية المشتركة؛ إذ رد الاتحاد الأوروبي الجميل بشكل يكاد يكون فوريا بقبوله رسميا انضمام روسيا الذي كانت تتمناه بشدة إلى منظمة التجارة العالمية.
Bog aan la aqoon