Midowga Yurub: Hordhac Kooban
الاتحاد الأوروبي: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
لا يكتمل هذا الفصل دون الإشارة إلى تركيا؛ فإذا كانت روسيا شريكا يصعب التعامل معه بالنسبة للاتحاد الأوروبي؛ فإن تركيا لطالما كانت شوكة في جانبه؛ لأنها أعلنت بصراحة وحماس رغبتها في الانضمام إلى عضوية الاتحاد منذ فترة طويلة جدا.
أبرمت تركيا مع الجماعة الاقتصادية الأوروبية عام 1964 اتفاقية انتساب كاتفاقية اليونان، عدا أن شكوك الجماعة حيال تركيا انعكست في فترة انتقالية مدتها 22 سنة، وعدم وجود التزام واضح بالعضوية. تقدمت تركيا بطلب العضوية في 1987، لكن الاتحاد لم يعترف بها كمرشح حتى 1999، ولم تبدأ المفاوضات إلا في 2005، مع عدم توقع انضمامها قبل سنوات طويلة آتية . ومثل هذه العملية المطولة، حتى بمعايير الاتحاد الأوروبي المتدنية، تحتاج إلى تفسير ما.
أعرب ساسة الاتحاد عن عدد من الأسباب التي تدعوهم إلى الشك فيما إذا كان ينبغي أن تحصل تركيا على العضوية أم لا؛ أولا: أشير إلى معايير كوبنهاجن وعدم ملاءمة البلد لما فيه من انتهاكات لحقوق الإنسان، ودور القوات المسلحة في السياسة، ونقاط الضعف التي تعتري الاقتصاد، ومدى إمكانية إدخال إصلاحات ذات معنى. ثانيا: هناك شواغل بشأن حجم تركيا (فلن يمضي وقت طويل قبل أن تكون أكبر دولة عضو في الاتحاد الأوروبي بفضل معدل مواليدها المرتفع) وما يترتب على ذلك من احتمال حدوث هجرة واسعة النطاق إلى الدول الأعضاء الأخرى والوزن التصويتي في المجلس. ثالثا: كثر الحديث عن «إجهاد التوسع» والحاجة إلى وقفة حقيقية قبل مثل هذا التوسع الكبير. الأمر الرابع، والذي ربما يؤكد هذه الأبعاد الأخرى جميعها، هو فكرة أن تركيا بلد «غريب»؛ فسكانها أغلبيتهم مسلمون، ودعواها بأنها «أوروبية» بالجغرافيا لا تقوم على دليل قوي، ومسارها التاريخي يختلف تماما عن مسار الأعضاء الحاليين التاريخي. وهي بهذا تتحدى مفاهيم كثيرة بشأن ماهية الاتحاد الأوروبي وما ينبغي أن يكون عليه.
أما الأتراك من جانبهم، فإصرارهم في مواجهة هذه المعارضة يعكس قوة المشروع الكمالي الغربي في البلد، وقوة تصور البلد نفسه كجسر بين الشرق والغرب. ولا ريب أن الحكومات التركية المتعاقبة أجرت تعديلات كبيرة جدا على الهياكل القانونية والسياسية لضمان إجراء مفاوضات الانضمام التي كانت تتوق إليها بشدة، وهو شيء مدهش تماما نتيجة انعدام اليقين في أن مثل هذه المفاوضات ستحدث، لكن الصبر التركي، ولا سيما بين عامة الجمهور، ليس بلا نهاية، وقد شهدت السنوات الأخيرة فتورا في الرغبة في الانضمام إلى الاتحاد، لكن هذا سمة عادية من سمات عمليات التوسع، حيث تبدأ أعين الناس في التفتح على التكاليف والمنافع مع اقتراب العضوية.
ومع ذلك تظل عضوية تركيا عالقة. وفي كثير من الدول الأعضاء تمثل العضوية التركية إشكالية عميقة، بالنسبة للجماهير والنخب على حد سواء، لكن السؤال الذي ينبغي أن يطرح هو ما إذا كان استبعاد تركيا منشودا أم غير منشود. يضم الاتحاد الأوروبي بالفعل أكثر من 15 مليون مسلم؛ لذا فالدين ليس العقبة التي يتصورها البعض، كذلك فإن قبول عضوية تركيا يمكنه المساعدة على توطيد مكانة الاتحاد الأوروبي كقوة عالمية، من خلال قبول دولة تمثل جسرا للعبور إلى الشرق الأوسط، ومن خلال قدرتها العسكرية الضخمة. مهما يكن القرار الذي يتخذ في نهاية المطاف، فستكون له آثار خطيرة بالنسبة للاتحاد وتطوره المستقبلي.
الفصل العاشر
دور الاتحاد الأوروبي في العالم
بعد أن بينا كيف «يمكن أن توحد المؤسسات الفيدرالية دولا شديدة التقدم»، ربما تصلح الجماعة كمثال على كيفية «إقامة عالم أكثر ازدهارا وسلاما.» كان هذا هو الأمل الذي أعرب عنه جان مونيه عام 1954 أمام طلاب جامعة كولومبيا في نيويورك. ظل الاتحاد الأوروبي مهتما، مثله مثل الآخرين، بمصالحه الخاصة، حتى وإن كان يصعب في أغلب الأحوال التوصل إلى اتفاق على ماهية هذه المصالح، لكن الأوروبيين صاروا أكثر وعيا من معظم من سواهم بأن هذه المصالح تشمل فعليا إقامة عالم مزدهر ومسالم. فكيف تساهم أعماله، بمعزل عن كونه نموذجا لمنطقة السلام والرفاهة، في تحقيق هذه الغاية؟ (1) الجماعة باعتبارها قوة تجارية عظيمة
كانت الولايات المتحدة راعية لتوحيد أوروبا، بداية من مشروع مارشال إلى ميلاد الجماعة والمراحل المبكرة من نموها، فرد مونيه الجميل بفكرة إقامة شراكة على أساس من المساواة بين الجماعة الأوروبية والولايات المتحدة. وفور إنشاء الجماعة الاقتصادية الأوروبية واستحداثها تعريفتها الخارجية الموحدة، استجابت الولايات المتحدة بإطلاق جولة كينيدي لتحرير التجارة في اتفاقية الجات؛ مما أفضى عام 1967، وبعد خمس سنوات من المفاوضات المضنية، إلى الاتفاق على خفض التعريفات بمقدار الثلث.
ما كان ذلك ليتسنى لو لم تصبح الجماعة، بمساعدة تعريفتها الموحدة باعتبارها أداة للسياسة الخارجية، شريكا تجاريا على قدم المساواة مع الولايات المتحدة. وكما قال أحد المراقبين في واشنطن، كانت الجماعة الأوروبية آنذاك «أهم عضو في اتفاقية الجات»، والسبيل إلى بذل المزيد من الجهود لتحرير التجارة. وقد صارت هكذا فعلا في الجولات اللاحقة من مفاوضات اتفاقية الجات مع انحسار الإلهام الأمريكي الخلاق الذي برز في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. لعبت الجماعة دورا قياديا في جولة أوروجواي التي اختتمت عام 1994. وفي ظل الانخفاض الفعلي في التعريفات على معظم المواد المصنعة، انتقل محور التركيز إلى الحواجز غير الجمركية؛ حيث أعطى برنامج السوق الموحدة الجماعة خبرة فريدة في أساليب تحرير التجارة. كما أفادت خبرتها أيضا عندما أحلت منظمة التجارة العالمية، بنطاقها الأوسع وصلاحياتها الأكبر لحل النزاعات، محل اتفاقية الجات، ولعل هذه تكون خطوة نحو إثبات صحة اقتراح إمكانية «استنساخ نموذج الجماعة الأوروبية في مجال سن القوانين الدولية، وذلك على الصعيد العالمي» في مرحلة معينة.
Bog aan la aqoon