Itqaanka Cilmiga Qur'aanka
الإتقان في علوم القرآن
Tifaftire
محمد أبو الفضل إبراهيم
Daabacaha
الهيئة المصرية العامة للكتاب
Daabacaad
١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: لَعَلَّ نُزُولَ الْقُرْآنِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يَتَلَقَّفَهُ الْمَلَكُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى تَلَقُّفًا رُوحَانِيًّا أَوْ يَحْفَظُهُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَيَنْزِلُ بِهِ إِلَى الرَّسُولِ وَيُلْقِيهِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْقُطْبُ الرَّازِيُّ فِي حَوَاشِي الكشاف: الإنزال لُغَةً بِمَعْنَى الْإِيوَاءِ وَبِمَعْنَى تَحْرِيكِ الشَّيْءِ مِنَ علو إلى أسفل وكلاهما لا يتحققان فِي الْكَلَامِ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِيهِ فِي مَعْنَى مَجَازِيٍّ فَمَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَعْنًى قَائِمٌ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْزَالُهُ أَنْ يُوجِدَ الْكَلِمَاتِ وَالْحُرُوفَ الدَّالَّةَ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى وَيُثْبِتَهَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَمَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ هُوَ الْأَلْفَاظُ فَإِنْزَالُهُ مُجَرَّدُ إِثْبَاتِهِ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَهَذَا الْمَعْنَى مُنَاسِبٌ لِكَوْنِهِ مَنْقُولًا عَنِ الْمَعْنَيَيْنِ اللُّغَوِيَّيْنِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِإِنْزَالِهِ إِثْبَاتُهُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بَعْدَ الْإِثْبَاتِ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَهَذَا مُنَاسِبٌ لِلْمَعْنَى الثَّانِي وَالْمُرَادُ بِإِنْزَالِ الْكُتُبِ عَلَى الرُّسُلِ أَنْ يَتَلَقَّفَهَا الْمَلَكُ مِنَ اللَّهِ تَلَقُّفًا روحيا أَوْ يَحْفَظَهَا مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَيَنْزِلُ بِهَا فَيُلْقِيهَا عَلَيْهِمُ. انْتَهَى.
وَقَالَ غَيْرُهُ: فِي الْمُنَزَّلُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَأَنَّ جِبْرِيلَ حَفِظَ الْقُرْآنَ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَنَزَلَ بِهِ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَحْرُفَ الْقُرْآنِ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ كُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا بِقَدْرِ جَبَلٍ قَافٍ وَأَنَّ تحت كل حرف منها معان لَا يُحِيطُ بِهَا إِلَّا اللَّهُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ جِبْرِيلَ إِنَّمَا نَزَلَ بِالْمَعَانِي خَاصَّةً وَأَنَّهُ ﷺ عَلِمَ تِلْكَ الْمَعَانِي وَعَبَّرَ عَنْهَا بِلُغَةِ الْعَرَبِ وَتَمَسَّكَ قَائِلُ هَذَا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ﴾
1 / 157