127

Itqaanka Cilmiga Qur'aanka

الإتقان في علوم القرآن

Tifaftire

محمد أبو الفضل إبراهيم

Daabacaha

الهيئة المصرية العامة للكتاب

Lambarka Daabacaadda

١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م

أَبُو بَكْرٍ فَلَكَزَنِي لَكْزَةً شَدِيدَةً وَقَالَ: حَبَسْتِ النَّاسَ فِي قِلَادَةٍ! ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَيْقَظَ وَحَضَرَتِ الصُّبْحُ فَالْتَمَسَ الْمَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ فَنَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ فَالْآيَةُ مَدَنِيَّةٌ إِجْمَاعًا وَفَرْضُ الْوُضُوءِ كَانَ بِمَكَّةَ مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مَعْلُومٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْمَغَازِي أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ مُنْذُ فُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ إِلَا بِوُضُوءٍ وَلَا يَدْفَعُ ذَلِكَ إِلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُعَانِدٌ قَالَ وَالْحِكْمَةُ فِي نُزُولِ آيَةِ الْوُضُوءِ مَعَ تَقَدُّمِ الْعَمَلِ بِهِ لِيَكُونَ فَرْضُهُ مَتْلُوًّا بِالتَّنْزِيلِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ الْآيَةِ نَزَلَ مُقَدَّمًا مَعَ فَرْضِ الْوُضُوءِ ثُمَّ نَزَلَ بَقِيَّتُهَا وَهُوَ ذِكْرُ التَّيَمُّمِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ.
قُلْتُ: يَرُدُّهُ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ أَيْضًا آيَةُ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهَا مَدَنِيَّةٌ وَالْجُمُعَةُ فُرِضَتْ بِمَكَةَ وَقَوْلُ ابْنُ الْفَرَسِ: إِنَّ إِقَامَةَ الْجُمُعَةِ لَمْ تَكُنْ بِمَكَّةَ قَطُّ يَرُدُّهُ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ قَائِدَ أُبَيٍّ حِينَ ذَهَبَ بَصَرُهُ فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ بِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَسَمِعَ الْأَذَانَ يَسْتَغْفِرُ لِأَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدِ بْنِ زُرَارَةَ فَقُلْتُ يَا أَبَتَاهُ أَرَأَيْتَ صَلَاتَكَ عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ كُلَّمَا سَمِعْتُ النِّدَاءَ بِالْجُمُعَةِ، لِمَ هَذَا؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ كَانَ أَوَّلُ مَنْ صَلَّى بِنَا الْجُمُعَةَ قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ الِلَّهِ ﷺ مِنْ مَكَّةَ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ﴾ الْآيَةَ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ سَنَةَ تِسْعٍ وَقَدْ فُرِضَتِ الزَّكَاةُ قَبْلَهَا فِي أَوَائِلِ الْهِجْرَةِ.

1 / 134