224

وإن كان السائل من ملحدة الفلاسفة والمجوس ، قيل لهم: فأنتم أيضا قد علمتم كثيرا من أحوال أرسطا طاليس وأفلاطون ومن جرى مجراهما ، وأخبارهم بنقل أصحابهم لها ، ولم يكن ذلك عندكم موجبا للقدح في ذلك النقل .

وكذلك يقال للمجوس: وأنتم أيضا قد عرفتم كثيرا من أخبار زرادشت ، وأخبار ملوكهم بنقل أصحابهم لها ، ولم يقدح ذلك عندكم (¬1) في نقلهم ، فكذلك حال نقل المسلمين لمعجزات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يوجب فيه قدحا !!

والأصل في هذا الباب: أن الأحوال التي يكون العهد بها متقادما ، لا ينقلها ولا يهتم بحفظ أخبارها إلا من كانت له دواع قوية إلى ذلك ، فليراع ما ذكرناه في أخبار الأمم كلها ، ونقلها . وليس يجب أن يكون ذلك قادحا في شيء من النقل ، فكذلك حال المسلمين .

فإن قيل: ما تنكرون على من قال لكم: إن هذه الأخبار كانت في الأصل ضعافا ، وإنما قويت فروعها بالديانات والعصبيات ، وتلقي الأتباع لها بالتصديق ، وإلا فأصولها انتشرت بنفسين أو ثلاثة من أصحاب المغازي كابن إسحاق ونحوه .

قيل له: أما من ذهب من العلماء إلى أن الاعتبار في باب الأخبار الموجبة للعلم ، هو تحصيل العلم الضروري دون أوصاف الأخبار والمخبرين . فإن هذا السؤال ساقط عنهم .

Bogga 279