169

واعلم أن كثيرا من الألفاظ تكون له حلاوة وعذوبة ، إذا وقع في بعض المواقع دون بعض ، وإنما حصلت لهذه الآيات العذوبة التامة ، لما حصل لحروفها من التلاؤم ، ولحركاتها وسكناتها من الاعتدال ، ولمعانيها من حسن الاطراد والمقاصد ، لأن الحروف لو لم تتلاءم لكان يحصل للكلام بعض التنافر .

والحركات والسكنات لو لم تعتدل لم يتم حسن النظم ، لأن كثرة الحركات توجب للكلام بعض الثقل .

ألا ترى إلى ما روى أهل العروض في جنس البسيط ، وزعموا: أنهم لقيهم رجل فأخذوا ماله وضربوا عنقه ، كيف حصل الثقل لما كثرت حركاته ؟!

وكثرة السكنات توجب لنسج الكلام بعض الضعف والسخافة . ولهذا صار الكلام موزونا باعتدال الحركات والسكنات ، ويتكسر البيت بخروج الحركات أو السكنات عن الاعتدال .

وأما حسن أطوار المعاني والمقاصد فلا بد منه ، لأن موضوع العبارة إنما هو للمعنى ، فإذا لم يحسن المعنى ، كان بمنزلة تعليق الحلي على المرأة الشوهاء .

Bogga 223