وقوله تعالى: وضرب الله مثلا قرية (1) المثل عبارة عن قول فى شىء يشبه قولا فى شىء آخر بينهما مشابهة ليتبين أحدهما من الآخر ويصوره.
وقيل: هو عبارة عن المشابهة لغيره فى معنى من المعانى، أى معنى كان، وهو أعم من الألفاظ الموضوعة للمشابهة.
قال الإمام فخر الدين الرازى: المثل قد يضرب بشىء موصوف بصفة معينة سواء كان ذكر الشىء موجودا أو لم يكن، وقد يضرب بشىء موجود معين فهذه القرية التى ضرب الله بها هذا المثل يحتمل أن تكون شيئا معروفا ويحتمل أن تكون قرية معينة.
وعلى التقدير الثانى: فتلك القرية يحتمل أن تكون مكة أو غيرها، والأكثر من المفسرين على أنها مكة. والأقرب أنها غير مكة؛ لأنها ضربت مثلا بمكة.
وقال الزمخشرى: وضرب الله مثلا قرية أى جعلت القرية التى هذه حالها مثلا لكل قوم أنعم الله عليهم فأبطرتهم النعمة فكفروا وتولوا، فأنزل الله بهم نقمته.
والآية عند عامة المفسرين نازلة فى أهل مكة وما امتحنوا به من الخوف والجوع بعد الأمن والنعمة بتكذيبهم النبى (صلى الله عليه وسلم) فتقدير الآية: ضرب الله مثلا لقريتكم مثلا، أى: بين الله بها شبها. ثم قال: قرية، فيجوز أن تكون القرية بدلا من مثلا؛ لأنها هى الممثل بها فى المثل. ويجوز أن يكون المعنى: ضرب الله مثلا مثل قرية، فحذف المضاف؛ هذا قول الزجاج.
والمفسرون كلهم قالوا: أراد بالقرية مكة يعنون أنه أراد مكة فى تمثيلها بقرية صفتها ما ذكر.
وقال الزمخشرى: فى هذه القرية قولان:
أحدهما: أنها مكة؛ قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والجمهور، وهو الصحيح.
Bogga 43