كَمَا ذكره صَاحب كتاب الدعائم عَنْهُم لَكِن الله زَاد فِي إِقَامَة الْحجَّة ليقوى عدله على الْكَافرين وفضله على الْمُؤمنِينَ فأيدهم بأنواع الْآيَات الخارقة والامارات الصادقة وَفِي الْآيَة دلَالَة على حسن الِاحْتِيَاط فِي الحذر بعد سَماع النّذر كَمَا هُوَ مَعْلُوم فِي النّظر وكما تقدّمت عَلَيْهِ الدّلَالَة فِي كَلَام مُؤمن آل فِرْعَوْن وَغَيره مِمَّا تقدم من الْآيَات الْكَرِيمَة فِي ذَلِك وَللَّه الْحَمد ثمَّ أَن الْأمة أَجمعت على انْقِطَاع الْوَحْي بعد رَسُول الله ﷺ وَأَنه لَا طَرِيق لأحد من بعده إِلَى مُعَارضَة مَا جَاءَ بِهِ فَمن ادّعى ذَلِك وَجوز تَغْيِير شَيْء من الشَّرِيعَة بذلك فكافر بالاجماع
خَاتِمَة
ثمَّ إِن المثبتين للنبوة اخْتلفُوا فِي الايمان بِجَمِيعِ الانبياء فَمنهمْ من فرق بَين رسل الله فَآمن ببعضهم وَكفر ببعضهم كاليهود وَالنَّصَارَى وَمِنْهُم من آمن بِجَمِيعِ رسل الله وَلم يفرق بَين أحد مِنْهُم كالمسلمين فَلَا شكّ فِي أَن إِثْبَات النبوات أصح دَلِيلا وأحوط ثمَّ أَن الايمان بِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاء كَذَلِك فان المكذب برَسُول وَاحِد كالمكذب بِجَمِيعِ الرُّسُل وَهل أَشْقَى مِمَّن سلم من جَمِيع المهالك حَتَّى إِذا لم يبْق إِلَّا مهلكة وَاحِدَة وَقع فِيهَا فَانْظُر مَا أوضح الضلال فِي جَمِيع مَا تقدم من انكار الْعُلُوم ثمَّ من إِنْكَار الربوبية ثمَّ من إِنْكَار التَّوْحِيد ثمَّ من إِنْكَار النبوات ثمَّ من إِنْكَار نبوة مُحَمَّد ﷺ خَاصَّة وَمَا أوضح الْحق فِي مُخَالفَة ذَلِك كُله فَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
وَمن واضحات الدّلَالَة على الْيَهُود أَنهم مقرون برَسُول مُبشر بِهِ فِي التَّوْرَاة لكنه عِنْدهم غير مُحَمَّد ﷺ فَيُقَال لَهُم تكذيبهم بِمُحَمد يُؤَدِّي إِلَى تكذيبهم بِكُل مُدع أَنه هُوَ لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يَأْتِي إِلَّا بمعجزات وَأما حَدِيث تمسكوا بالسبت أبدا فَلَو كَانَ حَقًا لذكروه للنَّبِي ﷺ وَلم يُؤمن مِنْهُم أحد لكنه مَوْضُوع فِي زمن الراوندي ذكره صَاحب التَّقْوِيم فِي أصُول الْفِقْه وَلَا حجَّة فِيهِ لَو صَحَّ لِأَن المُرَاد بذلك قد يكون مُدَّة طَوِيلَة وَإِلَى غَايَة كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿وبدا بَيْننَا وَبَيْنكُم الْعَدَاوَة والبغضاء أبدا حَتَّى تؤمنوا بِاللَّه وَحده﴾
1 / 72