فصل من فَضَائِل الْعلم النافع وَأَهله
فَمن الْعقل أصل النجَاة والسعادة إِذْ هُوَ الدَّاعِي إِلَى أَسبَاب الْخَيْر الصَّارِف عَن أَسبَاب الشَّرّ وَمن خَصَائِصه اجماع الْعُقَلَاء والملل والنحل على فَضله وَإنَّهُ تمدح بِهِ الْخَالِق سُبْحَانَهُ وَأَنه سُبْحَانَهُ مدح عباده بِمَا وهب لَهُم مِنْهُ وَفضل آدم ﵇ بِعلم الاسماء على الْمَلَائِكَة وَاخْتَارَ تفضيله بِهِ على تفضيله بِالْعَمَلِ بكشف الشُّبْهَة عَن مَلَائكَته وإيضاح الْحجَّة عَلَيْهِم وَلم يزهد فِيهِ بل قَالَ لأعْلم خلقه ﴿وَقل رب زِدْنِي علما﴾ وَحَتَّى فضل الْكلاب المعلمة على غَيرهَا فأحل صيدها وَهُوَ الَّذِي صال بِهِ الهدهد على سُلَيْمَان ﵇ مَعَ عَظِيم ملكه وقويت حجَّته مَعَ ضعفه وحقارته حَيْثُ قَالَ ﴿أحطت بِمَا لم تحط بِهِ وجئتك من سبإ بنبإ يَقِين﴾ وَمن أعظم فضائله القرآنية تَعْلِيل خلق الْعَالم بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿الله الَّذِي خلق سبع سماوات وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ يتنزل الْأَمر بَينهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَن الله على كل شَيْء قدير وَأَن الله قد أحَاط بِكُل شَيْء علما﴾ ثمَّ تَعْلِيل الْبَعْث فِي الدَّار الْآخِرَة بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وليعلم الَّذين كفرُوا أَنهم كَانُوا كاذبين﴾ وَلذَلِك ذمّ الله من يُجَادِل فِي الله بِغَيْر علم وَلَا هدى وَلَا كتاب مُنِير وَقَالَ تَعَالَى ﴿فَإِنَّهَا لَا تعمى الْأَبْصَار﴾ الْآيَة وَقَالَ ﴿وليعلم الَّذين أُوتُوا الْعلم أَنه الْحق من رَبك فيؤمنوا بِهِ فتخبت لَهُ قُلُوبهم﴾ وَقَالَ ﴿ويعبدون من دون الله مَا لم ينزل بِهِ سُلْطَانا وَمَا لَيْسَ لَهُم بِهِ علم﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَلَقَد آتَيْنَا دَاوُد وَسليمَان علما وَقَالا الْحَمد لله الَّذِي فضلنَا على كثير من عباده الْمُؤمنِينَ وَورث سُلَيْمَان دَاوُد وَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس علمنَا منطق الطير وأوتينا من كل شَيْء إِن هَذَا لَهو الْفضل الْمُبين﴾
1 / 41