غَرِيب لم أكتبه عَالِيا إِلَّا من رِوَايَة عَلان وَلذَلِك شَوَاهِد قَوِيَّة عَن تِسْعَة من الصَّحَابَة ذكرهَا الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد فنسأل الله أَن يرحم غربتنا فِي الْحق وَيهْدِي ضالنا وَلَا يردنا من أَبْوَاب رجائه ودعائه وَطَلَبه محرومين إِنَّه مُجيب الداعين وهادي المهتدين وأرحم الرَّاحِمِينَ
فَإِن قيل قد دلّ السّمع كتابا وَسنة على أَن دين الاسلام هُوَ الْفطْرَة المخلوقة وَطلب ذَلِك هُوَ تَحْصِيل الْحَاصِل فَمَا هَذَا التهويل
قلت لِأَنَّهُ قد اشْتَدَّ تغييرها وصلاحها بعد شدَّة التَّغْيِير عسير فَهِيَ كالعافية والتغيير كالأمراض الَّتِي اخترنا أَسبَابهَا فاشتدت وتمكنت حَتَّى عسر علاجها وَهَذَا الْمُخْتَصر وَأَمْثَاله كأدوية تَنْفَع من لم يستحكم عَلَيْهِ التَّغْيِير دون من استحكم عَلَيْهِ وَلَا يحتاجها الْمعَافى وَيدل على ذَلِك حَدِيث حزَام بن حَكِيم ابْن حزَام عَن أَبِيه وَعَمه أَن الْعِبَادَة فِي صدر الاسلام أفضل من الْعلم وَأَن الْعلم فِي آخر الْأَمر أفضل من الْعِبَادَة كَمَا سَيَأْتِي قُوَّة اسنادها وموافقتها فِي الْمَعْنى للنَّظَر الْعقلِيّ ياتيان فِي بَيَان فضل الْعلم النافع وخامسها وَهُوَ اصعبها الْمُشَاركَة فِي الْعلم أَو فِي التَّمْيِيز والفهم لأهل الطَّبَقَة الْوُسْطَى وَمن يقاربهم فِي الْمنزلَة حَتَّى يتَمَكَّن بذلك من مَعْرفَته مِقْدَار مَا يقف فِي هَذَا الْمُخْتَصر من الْفَوَائِد من غير تَقْلِيد فيرغب فِيهِ أَو يزهد حِين يقيس على مَا يألف ويعهد لِأَنَّهُ لَا يعرف مِقْدَار الشَّيْء إِلَّا ذُو بَصِيرَة يعرف أَن لَهُ أجناسا كَثِيرَة فيقيسها إِلَيْهِ أَو يقيسه إِلَيْهَا فيفضلها عَلَيْهِ ويفضله عَلَيْهَا وذكي الْقلب يتَمَكَّن من ذَلِك وَإِن لم يسْلك تِلْكَ المسالك لَكِن بِكَثْرَة الْمَسْأَلَة لأهل المعارف والمقايسة بَين المصنفات لعارف عَارِف وَإِلَّا كَانَ الْوَاقِف عَلَيْهِ مثل من لَا يعرف الْجَوَاهِر الثمينة والفصوص النفيسة يجد فصا عَظِيم الْمِقْدَار فيضيعه أَو يَبِيعهُ بِثمن نزر فقد بيع يُوسُف الصّديق بذلك حِين لم يُوقف لَهُ على قدر فَإِن عرضت لطَالب الْحق محنة لم يتطير بِطَلَب الْحق فَيكون من الَّذين يعْبدُونَ الله على حرف وليثق بِقرب الْفرج ويتوكل على الله كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿فتوكل على الله إِنَّك على الْحق الْمُبين﴾ وَعلم وأيقن أَن الله مَعَ الصابرين وَمَعَ الصَّادِقين
1 / 30