-226- جهله ، والمعنى في ذلك أنه لا يسع جهل ركوبه ، على خلاف ما فيه الحكم من كتاب الله .
كذلك لا يسع جهل ما جاءت به السنة ، والاجماع إنما هو لا يسع جهل ركوبه على خلاف ما جاء في دين الله ، ولو كان ذلك كذلك .
ولا يسع جهل علم أهل الشرك من أهل النفاق ، لما كان يجوز أن كون مسلما مؤمنا ، إلا من عرف أحكام ذلك ، ولعل ذلك من أدق الأشياء حكما ، وأخفاها اسما ، وهذا ما لا يجوز أن يكلفه الله العباد .
فصل : فإن قال قائل : ليس عليه أن يعلم دقائق ذلك ، وإنما عليه أن يعلم أن النفاق غير الشرك والشرك غير النفاق .
قلنا له : لا معنى لذلك في حكم دين الله أن يضيق على من جهله ، لأن ذلك مما لا يبلغ إلى علمه من حجه العقل ، وإنما يبلغ إلى معرفته من السماع والعبارة ، فهو من جملة ما يسع جهله أبدا ما لم يركبه على خلافه ، أو يتولى راكبه ، أو يبرأ من العلماء إذا برئوا من راكبه ، أو يقف عنهم برأي أوبدين ، أو يبرأ أو يقف بدين عن ضعيف من ضعفاء المسلمين .
ولو قال قائل : لا يسع جهل شيء من دين الله ، ولوكان ذلك صوابا وخاصا من معاني وجوب ما لا يسع جهله ، لأن جميع دين الله لا يسع جهله ، ولكن تحتلف معاني ذلك في وجوب ما لا يسع جهله ، وقد وقع عليه على كل حال اسم ما لا يسع جهله ، لأن جميع دين الله لا يخلو من أحد أمرين :
إما أن يكون شيء من دين الله تقوم به الحجة من العقود دون السماع .
والعبارة من صفة الله - تبارك وتعالى - وتوحيده ، ووعده ووعيده ، فإذا سمع العبد بذلك الشيء من دين الله ، أوخطر بباله أو دعا إليه وعرف معنى ذلك والمراد به ، فعليه علم ذلك وعليه ألا يشك فيه ، وغير منفس في السؤال
Bogga 227