بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ الإمام شيخ الإسلام قدس الله روحه ونور ضريحه: بالله أستعين، وإياه أحمد، وعليه أتوكل، ومنه استهدي، وبه ألوذ، وفيه أجاهد، له الفضل والثناء الأسنى، وله الصفات العلى والأسماء الحسنى، اللهم كن لنا ولا تكن علينا، وأعذنا من هواجس أنفسنا، ومضلات أرائنا وخواطرنا، وأمدنا بلطفك العزيز، وأقبل علينا بوجهك الكريم (اللهم اجعل صدري خزانة توحيدك، ولساني مفتاح تمجيدك، وجوارحي في حرم طاعتك، فإنه لا عز إلا في الذل لك، ولا غنى إلا في الفقر إليك، ولا أمن إلا في الخوف منك، ولا قرر إلا في القلق نحوك، ولا روح إلا في الكرب لوجهك، ولا راحة إلا في الرضا بقسمتك، ولا عيش إلا في جوار المقربين عندك)، اللهم اجعل سعينا فيما يقرب إليك، وكدنا فيما يوجب رضاك، وقد بزمامنا من حولنا وقوتنا على حولك وقوتك، وأهدنا الأرشد والأوفق فالأوفق والألطف فالألطف. اللهم ونسألك أن تهدي إلى رسولك وصفيك وخيرتك من خلقك من الصلوات أفضلها وأزكاها، وأتمها، وأنماها وأعدلها وأوفاها، واجعلها وسيلة لنا إلى نيل شفاعته والوصول إلى كريم وجهه، إنك أنت الجواد المنان والرحيم الرؤوف.

1 / 39

أما بعد: فقد سبق مني كتاب جمعته من الخلافيات سميته «البرهان» وبلغت فيه غاية ما رمته على ما اتفق لي من إقامة الدلائل وإيضاح البراهين وإزاحة الشبهات وكشف المعاني غير أن الكتاب طال جدًا، فإني لم أكن شرعت فيه شروع طالب للاختصار والإيجار بل قصدت فيه قصد الاستيفاء والاستقصاء وأردت أن يكون ذلك عمدة المدرس لا عدة الحافظ، نعم، وحين طال بي المراس في المسائل، وتردد القول في سبرها وسبكها جدالًا مع المخالفين ومذاكرة مع الأصحاب، وعرضتها على فكرى مرة بعد أخرى وكرة بعد أولى، عرضت في خلال ذلك طرق متينة ومعاني محكمة وأسرار عجيبة ونكت معجبة، ورأيت عجز المعترضين دونها وتضأل المخالفين عندها، وتعظم المتدافعين عند جانبها فعند ذلك رأيت أن أسعى في مجموع آخر للأصحاب خاصة، ولكل من طلبه عامة سعى من طب لمن حب، ألفت فيه بنات صدري وأجمع له كدي وجدي وأبلغ فيه الغاية بجهدي وأجعله زبدة عمري ونهاية فكري، وقصدت فيه قصد الإيجاز والاختصار وهو كتاب لم يطل ذلك الطول المفرط الذي يسأم منه الناظر ولم يقصر قصور العجز عن بلوغ المراد، واعتنيت في المسائل التي أعضلت على فحول النظر زيادة اعتناء، وكشفت عن حقائقها زيادة كشف. ونصصت على المعاني التي يمكن الاعتماد عليها، ونبهت على كثير من مجازفات المتفقهة وتجوزاتهم وتمسكهم بطرق حقها الإطراح، وغفلتهم عن معاني حقها القبول والإتباع، وذكرت حجج المخالفين بأتم لفظ وأوجز معنى، وأثبت بما يعتمد الأئمة منهم في الوقت، ولم أشتغل بالمستسقط من كلام مشايخهم إلا أشياء لابد من إيرادها والانفصال عنها، وسميت الكتاب «كتاب الإصطلام» لإصلامه كلام المخالفين لنا ابتلاء ولإطراحه

1 / 40

كثير من كلام مشايخنا المتقدمين توهينًا وضعفًا، وعندي أن من نظر في هذا الكتاب نظر بتأمل غائص في معانيه فهم لحقائقه معرض عن طريقة التعصب والتقليد راي كل كتاب صورة في هذا الفن للمتقدمين والمتأخرين في صورة المطرح المستغني ..... أن يشكر سعيي وتعبي فيه، ويعرف حق قيامي بأعبائه ويمدني بالدعاء .....، والله تعالى يعصم من الإعجاب بالقول ويرشد إلى الأصوب والأهدى/ من الأمور بمنه وفضله وعميم طوله. * * *

1 / 41

كتاب الطهارة (مسألة) لا يجوز إزالة النجاسة بمائع سوى الماء عندنا، وهذا قول محمد، وزفر من أصحابهم. وعند أبي حنيفة، وأبي يوسف يجوز. لنا: إن الماء طهور شرعًا لا لمعنى، فلو ألحق به غيره في الطهورية كان لمعنى، فإذا كان ثبوته لا لمعنى إلحاق غيره به. والدليل على أن الماء طهور لا لمعنى، الحكم والحقيقة: أما الحكم فلأن طهورية الماء في الحدث لا لمعنى كذلك في النجاسة، وهذا لأن عمل هذا الوصف بنفي محلين، فإذا لم يكن لمعنى في أحد الملحين فكذلك في الآخر.

1 / 42

وأما الحقيقة فلأنه لو كان معلولًا كان معلولًا بعلة الإزالة، وهذا لا يجوز، لأن معنى الطهور هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره، وصفة تطهيره لغيره إنما توجد عند اتصاله بذلك الغير، كقولنا: ضارب للغير وشاتم للغير ومكلم للغير، إنما يوصف بهذا عند اتصاله شتمه وضربه بالغير، وإذا اتصل بالمحل النجس امتزج بالنجس، والماء الممتزج بالنجس نجس، وما لا يكون طاهرًا في نفسه لا يكون مطهرًا لغيره فدل تعليل الطهورية به بالإزالة باطل، فبقى أنه طهور شرعًا لا لمعنى، وبطل إلحاق سائر المائعات به. فإن قالوا: إذا قلتم إن الماء بامتزاجه بالنجس يصير نجسًا فكيف يزيل النجاسة؟ وبالإجماع إنه يزيل النجاسة عند استعماله في المحل غسلا. قلنا: إنما يزيل النجاسة شرعًا لا لمعنى الإزالة، على هذا إن عندنا يبقى الماء طهورًا بعد وروده على النجاسة ثبوت صفة الطهورية له. والحرف أن الطهورية منصوص عليها للماء، ووقت ظهور الطهورية عند غسل المحل النجس فبقيت هذه الصفة للماء وإن امتزج بالنجس ليحصل العمل بالنص ولا يتعطل، ولم يكن لمعنى حتى يلحق غيره به. وهذا لأن الضرورة ارتفعت بالماء فبقى غيره على أصل ما عقلنا من المعنى وهو أن المائع الوارد امتزج بالنجس وتنجس وإزالة النجاسة بالنجس غير معقول، ولأن غير الماء ليس في معنى الماء حتى يلحق به، لأن الماء خلق ليكون طهورًا، وقد ورد الإنزال بمعنى الخلق في القرآن مثل قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَاسٌ شَدِيدٌ﴾. ومثل قوله: ﴿وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾.

1 / 43

Usul - Qalabka Cilmi-baarista ee Qoraalada Islaamka

Usul.ai waxa uu u adeegaa in ka badan 8,000 qoraal oo Islaami ah oo ka socda corpus-ka OpenITI. Hadafkayagu waa inaan fududeyno akhrinta, raadinta, iyo cilmi-baarista qoraalada dhaqameed. Ku qor hoos si aad u hesho warbixinno bille ah oo ku saabsan shaqadayada.

© 2024 Hay'adda Usul.ai. Dhammaan xuquuqaha waa la ilaaliyay.