(ذكر بدع الأول منهم) فأول ما ابتدعه الأول منهم التأمر على الناس من غير أن أباح الله له ذلك ولا رسوله ومطالبته جميع الأمة بالبيعة له والانقياد إلى طاعته طوعا وكرها فكان ذلك منه أول ظلم ظهر في الاسلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان هو وأولياؤه جميعا مقرين بأن الله ورسوله لم يولياه ذلك ولا أوجبا طاعته ولا أمر ببيعته فدخل الناس كلهم تحت أمره ونهيه على ثلاث منازل (فرقة) منهم راضية به وبفعله متبعة لرأيه طوعا فحلو محله في الإثم لقبولهم لأمره ورضاهم بفعله طائعين غير مكرهين (وفرقة) تحيرت في أمره جهلا منهم لا تدري أذلك له أم لغيره فحلت محل المستضعفين المرجين لأمر الله إلى أن قرع الحق مسامعهم وقطعت الحجة عذرهم (والفرقة الثالثة) كانت مستبصرة بضلاله عارفة بظلمه غير راضية بفعله فقهروا على الدخول تحت أمره وسلطانه فدخلوا كارهين غير طائعين فحلوا محل المتقين المكرهين بفعله الخائفين فكل فعل فعلوه مما اتقوا فيه على أنفسهم وأموالهم من الأفعال التي لم يأمر الله بها ولا رسوله فلهم ثوابه إذا كانوا مكرهين عليه وعلى من استكرههم وزره وعقابه، فلما انقاد له الناس على هذه المنازل الثلاث طوعا وكرها طالبهم بالخروج إليه مما كان يأخذه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات والأخماس وما يشاكلها ثم تسمي بخلافة رسول الله (ص) ونفذت بذلك كتبه إلى الأمصار من خليفة رسول الله (ص) فكانت هذه الحالة منه جامعة للظلم والمعصية والكذب على رسول الله (ص) وذلك لما طالبهم بالخروج إليه مما كان يأخذه منهم رسول الله (ص) من الصدقات وغيره كان ذلك منه ظلما ظاهرا إذا كان يعلم أن الله ورسوله لم يجعلا له ولا إليه شيئا منه ولما لم يجعل الله ولا رسوله ولا ولاته إليه شيئا من ذلك كان ظالما في مطالبته لهم به فظهرت منه المعصية لله ولرسوله إذ طالب بما ليس له بحق.
ولما قال إني خليفة رسول الله (ص) وقد علم وعلم معه الخاص والعام أن
Bogga 4