135

الاستذكار

الاستذكار

Baare

سالم محمد عطا ومحمد علي معوض

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1421 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

وقد قال الله تعالى (يا مريم اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) آلِ عِمْرَانَ ٤٣
وَمَعْلُومٌ أَنَّ السُّجُودَ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْجَمْعَ لَا الرُّتْبَةَ وَلَيْسَ وُضُوءُهُ ﵇ عَلَى نَسَقِ الْآيَةِ أَبَدًا - بَيَانًا لِمُرَادِ اللَّهِ مِنْ آيَةِ الْوُضُوءِ كَبَيَانِهِ لِرَكَعَاتِ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّ آيَةَ الْوُضُوءِ بَيِّنَةٌ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنِ الْبَيَانِ وَالصَّلَوَاتُ مُجْمَلَةٌ مُفْتَقِرَةٌ إِلَيْهِ
هَذِهِ جُمْلَةُ مَا احْتَجَّ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْقَائِلِينَ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَالْكُوفِيِّينَ فِي مَسْأَلَةِ تَنْكِيسِ الْوُضُوءِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ أَصْحَابِهِ إِلَّا الْمُزَنِيَّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ - كُلُّهُمْ يَقُولُ مَنْ نَكَسَ وُضُوءَهُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا لَمْ يُجْزِئْهُ وَلَا تُجْزِئُهُ صَلَاةٌ حَتَّى يَكُونَ وُضُوءُهُ عَلَى نَسَقِ الْآيَةِ
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو مُصْعَبٍ صَاحِبُ مَالِكٍ وَذَكَرَهُ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَالِكًا مِنْهُمْ وَإِمَامٌ فِيهِمْ
قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ مَنْ قَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ يَدَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ عَلَى تَرْتِيبِ الْآيَةِ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِمَا صَلَّى بِذَلِكَ الْوُضُوءِ
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنَ الشَّافِعِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ بِأَنْ قَالُوا الْوَاوُ تُوجِبُ الرُّتْبَةَ وَالْجَمْعَ جَمِيعًا وَذَكَرُوا ذَلِكَ عَنِ الْكِسَائِيِّ وَالْفَرَّاءِ وَهِشَامِ بْنِ مُعَاوِيَةَ
قَالُوا وَذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي فَائِدَةِ الْخِطَابِ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ أَعْطِ زَيْدًا وَعَمْرًا
قَالُوا وَلَوْ كَانَتِ الْوَاوُ تُوجِبُ الرُّتْبَةَ أَحْيَانًا كَمَا قَالَ (ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) وَلَا تُوجِبُهَا أَحْيَانًا كَمَا قَالَ (وَاسْجُدِي وَارْكَعِي) لَكَانَ فِي فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ بَيَانٌ لِمُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَضَّأْ قَطُّ مُنْذُ افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ إِلَّا عَلَى نَسَقِ الْآيَةِ فَصَارَ ذَلِكَ فَرْضًا كَمَا كَانَ بَيَانُهُ لِعَدَدِ رَكَعَاتِ الصَّلَوَاتِ وَمَقَادِيرِ الزَّكَوَاتِ فَرْضًا
وَضَعَّفُوا الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ عَنْ عَلِيٍّ وبن مَسْعُودٍ وَقَالُوا هَذَا مُنْقَطِعٌ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ حَدِيثَ عَلِيٍّ انْفَرَدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْجَمَلِيُّ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْ عَلِيٍّ
وَحَدِيثُ بن مسعود إنما يرويه مجاهد عن بن مسعود ومجاهد لم يسمع من بن مَسْعُودٍ وَالْمُنْقَطِعُ مِنَ الْحَدِيثِ لَا تَجِبُ بِهِ حجة
قالوا على أن حديث بن مَسْعُودٍ لَيْسَ فِيهِ مِنْ صَحِيحِ النَّقْلِ إِلَّا قَوْلَهُ «مَا أُبَالِي بِالْيُمْنَى بَدَأَتُ أَوْ بِالْيُسْرَى» وَهَذَا مَا لَا تَنَازُعَ فِيهِ إِلَّا مَا فِي الِابْتِدَاءِ بِالْيُمْنَى مِنَ الِاسْتِحْبَابِ رَجَاءَ الْبَرَكَةِ وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ
قَالُوا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ «أَنْتُمْ تُقِرُّونَ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّيْنِ وَقَضَى رَسُولُ

1 / 145