هذا ما كان عن تزوير التاريخ لصالح التنظير التاريخي للقومية الإسرائيلية، ويبقى أن نعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، ونكشف عن هوية الهكسوس بوضوح وعلاقتهم بالعرب وبالمصريين وببني إسرائيل، وموقعهم الصحيح من التاريخ القديم! وهذا وعد نعمل حاليا - وربما لبعض الوقت - من أجل الوفاء به.
40
ملحق له ضرورته
(1) الصهاينة مرة أخرى (؟!)
1 (الرد على مقال الأستاذ حازم هاشم)
كنا قد آلينا على نفسنا عدم الاستجابة لأية استفزازات، حتى لا ننشغل بمعارك وهمية تصرفنا عن أبحاثنا، خاصة مع إدراكنا لحجم الشراك المنصوبة تلك الأيام، والتي نعلم جيدا دقائقها وآلياتها وأهدافها. لكن ما نشره الأستاذ «حازم هاشم» في «الوفد» بتاريخ 7 / 11 / 1955م تحت عنوان «ما بين القمني وهذا المترجم»، ودعوته الواضحة لنا للرد على الطبيب «رفعت السيد» حول ما كتبه في مقدمة ترجمته لكتاب «عصور في فوضى»، لمؤلفه الكاتب الصهيوني «إيمانويل فليكوفسكي»، إضافة إلى العبث غير المحمود الذي ساقه الطبيب المذكور ، كل ذلك لم يترك لنا فرصة التمسك بمبدئنا؛ حيث انزلق السيد الطبيب إلى منزلق شديد الوعورة، غير مدرك إلى أي منحدر ذهب؛ فطعن في أمانتنا العلمية، «وهي الرصيد الوحيد الذي نملك ونتيه به اعتزازا». ومن هنا تأتي استجابتنا لدعوة الأستاذ حازم هاشم، وهي الاستجابة الكفيلة بإنهاء الأمر تماما، حتى لا نترك مساحة لمزيد من المهاترات، وحتى لا يطول أمر الأخذ والرد، لكن ذلك لا يعني حرمان القارئ من متعة المتابعة، فسنعطيه هنا قدرا كافيا من المتعة، وبغرض العودة السريعة إلى مكاننا الحقيقي بعيدا عن السجال حول أمور هي كالعهن المنفوش، ومن هنا نعتقد أن السيد الطبيب بدوره سيلزم الصمت الحميد وفي ذلك كفاية وغنى.
وكان السؤال الذي تبادر إلى ذهني فور قراءتي للوفد، هو: لماذا صمت السيد الطبيب منذ التقاني عام 1992م - حسبما قرر هو في مقدمة الكتاب المذكور - وحتى اليوم ليخرج الآن عن صمته؟ أما لو كنت مكان أي قارئ آخر لكان السؤال هو: لماذا لم يبادر سيادته من فوره إلى اتخاذ الخطوات القانونية الرادعة في مثل تلك الأحوال؟ لكن لو حاولت الإجابة على سؤالي أنا، مع الأخذ بحسن الظن، لذهبت إلى احتمال أن الرجل وهو لم يبدأ بعد خطواته في عالم الكتابة، قد هدته قريحته إلى أن أقرب طريق إلى الشهرة هو افتعال المعارك الكبيرة، وإذا كان ذلك كذلك، فقد فعلها الرجل دون أن يرمش له جفن، بجرأة متفردة ومغامرة يحسد عليها، لكن ذلك الاحتمال تراجع إزاء معطيات أخرى يمكنها أن تفسر لنا سر تلك النزوة المفاجئة، لمغامرة نزقة، في منطقة خطرة عسرة العبور. (1-1) راوية هذا الترجمان
يحكي لنا الطبيب الترجمان في مقدمته رواية غاية في الطرافة والظرف، فيقول: إنه قد التقاني عام 1992م، عندما كانت ترجمته لكتاب فليكوفسكي لم تزل بعد مخطوطة بأدراج مكتبه بالمطرية بالقاهرة، لكن تلك الترجمة غير المنشورة - بمعجزة غير مفهومة - طبقت شهرتها الآفاق حتى وصلتني أخبارها؛ حيث كنت أقيم بمدينة الواسطى بصعيد مصر (كذا؟!)، وعندها هرعت إلى السيد الطبيب أطلب منه استعارة تلك المخطوطة الأسطورية لأطلع عليها، وحسب قوله إني قد فعلت ذلك بعد ما ترامى إلى سمعي عنها، وتشوقي لقراءتها، وذلك كي أستعين بها في كتاب كنت أكتبه حينذاك، هو كتاب «النبي إبراهيم والتاريخ المجهول».
وهكذا وجه الرجل لنا اتهامين دفعة واحدة: الأول أننا استعنا بفليكوفسكي في كتابنا «النبي إبراهيم» دون أن نشير إليه كمرجع لأنه بالفعل غير مدرج كمرجع بكتاب «النبي إبراهيم والتاريخ المجهول»، أما الثاني فهو أننا قد أخذنا بأفكار كاتب صهيوني في معالجة مسألة تتعلق بأب الأنبياء خليل الله عليه الصلاة والسلام. والغريب أن الطبيب الملهم لم يكلف نفسه عناء النظر في تاريخ طباعة ذلك الكتاب الذي صدر عام 1990م، واستغرق العمل فيه ثلاث سنوات قبل صدوره، وهو ما يعني أن الكتاب قد صدر قبل أن ألتقي بالترجمان بسنتين كاملتين.
ونتابع مع الرجل مندبته المأساوية وهو يجأر بالشكوى قائلا: إنه أعطاني مخطوطته المترجمة لكتاب فليكوفسكي، بعد أن أخذ مني وعدا بعدم نشر أي جزء منها (؟!) أي إنه كان يخشى على مخطوطته سلفا ومع ذلك وثق في وعدنا الشفاهي (هكذا؟!)، لكن الرجل يكتشف كم كان غرا عندما أعارنا المخطوطة؛ لأنه لم تكد تمر أسابيع حتى فوجئ بنشر ترجمته في مقالات أسبوعية بصحيفة «مصر الفتاة»، وبأننا قد وضعنا اسمنا على ترجمته للكتاب، وأننا كي نمرر تلك السرقة اللئيمة لجهد الرجل المسكين، أضفنا إلى تلك الترجمة بعض المقبلات، مع تعليقات هنا، وحواش هناك، لذر الرماد في العيون.
Bog aan la aqoon