وصل عبدالمطلب أرض أبيه إسماعيل ، فعاد يبحث بمعوله عن التراث الخالد ، وليس معه سوى ولده الحارث ، وقد شاء الله أن يقع كنز جرهم بيد عبدالمطلب ، فيكشف النقاب عن الغزالين اللذين دفنتهما جرهم ، وعن أسياف وأدرع ، فازداد طمع قريش ، وتعالت أصواتها : (يا عبدالمطلب ! لنا معك في هذا شرك وحق) .
قال : لا ، ولكن هلم إلى أمر نصف بيني وبينكم ، نضرب عليها بالقداح ، فقالوا : فكيف نصنع ؟ قال : أجعل للكعبة قدحين ، ولكم قدحين ، ولي قدحين ، فمن خرج قداحه على شيء أخذه ، ومن تخلف قداحه فلا شيء له. قالوا: أنصفت . ففعلوا ذلك وضربت القداح عند هبل فخرج قدحا الكعبة على الغزالين ، وخرج قدحا عبدالمطلب على الأسياف والإدرع ، ولم يخرج لقريش شيء من القداح )(36).
وهكذا يبعث عبدالمطلب تراث (أبيه إسماعيل) ويعود زمزم يروي الحجيج ، ويحكي قصة الحياة في هذه الارض المباركة ، ويذكر بأمجاد الكوكبة النيرة الخليل وإسماعيل وهاجر .
وهو الأصوب كما يبدو من تاريخ هدم الكعبة وبنائها قبل البعثة بخمس سنوات .
يقال أن عبدالمطلب ضرب الاسياف بابا للكعبة وجعل فيه الغزالين صفائح من ذهب ، فكان أول ذهب حليت به الكعبة ، وقيل بل بقيا في الكعبة وسرقا ، ولعل هذا هو المشهور تاريخيا .
Bogga 34