Islaamka iyo Ilbaxnimada Aadanaha
الإسلام والحضارة الإنسانية
Noocyada
على أن الفرق والمذاهب لم يتراخ بها الزمن في الإسلام كما تراخى بها في اليهودية والمسيحية، ولم ينقض جيل النبي نفسه حتى ظهرت مسألة النص والتفسير، ولحقت بها المسائل التي اقترنت بها في كل عقيدة دينية، كمسألة القضاء والقدر، ومسألة الظاهر والباطن، ومسألة الصفات الإلهية، وما ينبغي للروح من الصفات بمعزل عن عالم المادة أو عالم الأجساد.
ويتوقف فهم الحقائق في هذه الحركة كلها على فهم البواعث التي أوجبت السرعة هنا، وسمحت بالإبطاء والإرجاء هناك.
فاليهودية عند نشأتها لم تنهض لها ضرورة قاضية بالتعجل في التفسير والتأويل؛ لأن اليهودية نفسها كانت بمثابة فلسفة تجريدية بالقياس إلى العقائد الوثنية والأديان المجسمة التي نشأت بينها؛ إذ كانت تدعو إلى التوحيد وعبادة الإله المجرد في السماء بين أناس يعبدون الأوثان ويجسمون الأرباب.
وكان أنبياء اليهود يتلاحقون واحدا بعد واحد، فيشغل النبي الأمة بأقواله عن تفسير أقوال الذين سبقوه إلى استنزال الوحي من الله.
وينبغي أن نذكر هنا أن الدينين الكتابيين العظيمين اللذين ظهرا بعد اليهودية؛ إنما كانا تعديلين في نصوص الدين اليهودي ومعانيه، فهما خليقان أن يشغلا كل فراغ كان متسعا لتفسير النصوص ومحاولة التوفيق بين المنقول والمعقول .
وقد تلاحقت الهجرة والتشتيت على الأمة اليهودية منذ أيامها الأولى، وأصابتها المحن من ذوي قرباها، ونزل بها الحيف من الدول القوية المسلطة عليها، فاشتدت في نفوسها العصبية القوية، ونفرت كل النفور من البدع الأجنبية، وتحصنت دونها بحصن منيع من العزلة الروحية والفكرية؛ فأحجمت عن الفلسفة التي تطرقت إليها من جانب الإغريق وجانب المشارقة الفارسيين والهنديين، ولم تكن هذه الفلسفة على هذا قد تكاملت في بلاد الإغريق أو تفرقت منها بين الأقطار الشرقية؛ لأنها لبثت في دور التكون والتكامل والتعليق والتذييل إلى ما بعد ميلاد المسيح.
أما المسيحية قد تأخر تدوين كتبها إلى أواخر القرن الثاني للميلاد، وكان معظم هذه الكتب مسطورا باللغة الإغريقية، فلا يطلع عليها سواد المسيحيين. وقد كانت جمهرة المسيحيين في أوائل الأمر من عامة الناس الذين يقنعون بالإيمان اليسير، ولا يتعمقون في النصوص ولا في التأويلات، فلما آمن المتعلمون بالدين الجديد، كان اختلافهم مقصورا على بيئات الدرس والثقافة، إلى أن قام في العالم المسيحي ملوك يجلسون على العروش، فخرج الخلاف المدرسي إلى معترك السياسة الزبون، ونجمت الفرق والمذاهب، وهي في أحضان الدولة تعتمد على بأس الملوك والأمراء من أحد الطرفين أو من كلا الطرفين، أو من جميع الأطراف في بعض الأحوال.
أما الإسلام فقد كان الاستعداد فيه لظهور الفرق والمذاهب على غير ما رأينا في اليهودية والمسيحية من جميع الوجوه. كانت الأسباب مهيأة لظهورها منذ الجيل الأول سواء من جانب الفلسفة أو من جانب المشكلات اللاهوتية التي شغلت عقول الباحثين بين اليهود والمسيحيين.
كان الإسلام خلوا من الكهانة التي تستأثر بالدرس والتأويل، وكان القرآن صريحا في الأمر المتكرر بالنظر والتفكير ، وكان القرآن كتابا محفوظا في حياة النبي
صلى الله عليه وسلم ، فلم يطل العهد بالمسلمين في انتظار التدوين والاتفاق على نصوص الكتاب. وكان المسلمون يؤمنون بأن محمدا
Bog aan la aqoon