Islaamka iyo Ilbaxnimada Aadanaha
الإسلام والحضارة الإنسانية
Noocyada
صلى الله عليه وسلم : «تزود من صحتك لسقمك ومن غناك لفقرك ومن شبابك لهرمك »، ويفهم من هذا الحديث الشريف أنه لم يعين رأس المال بالذهب والفضة، بل تركه على إطلاقه، يجوز على كل ما ينجي صاحبه من العدم، فكما يصح أن يقال: إن التزويد من الصحة للسقم هو بتوفير النفقة التي تلزم في حالة المرض، كذلك يصح أن يقال: إنه يكون بتعلم الطب للعلاج به عند لزومه، وكما يمكن أن يكون التزود في حالة الغنى باقتصاد شيء من الدخل لأيام العوز والفاقة، كذلك ممكن أن يكون بتعلم الصنائع والتدرب عليها لتغنيه عن بسط يده بالسؤال إذا ضاقت به الحال، وكما يجوز أن يتزود الشاب لهرمه بادخار المال، كذلك يجوز أن يتزود بالعلم والمعرفة ليستعملهما في جلب خير أوفر بتعب أقل وهو الغرض الذي أسس لأجله علم الاقتصاد.
وبعد أن فصل الإسلام موارد الرزق والسبل المؤدية لها وبين استحالة تساوي الناس في العمل والكسب أراد تعزية الفقراء منهم لئلا يجد الحسد إلى قلوبهم منفذا، فقال تعالى:
يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير
كناية عن تقسيم العمل بين الناس، فلا يحسد أحدهم الثاني على ما سبق إليه من المنفعة لأنه تمييز تقتضيه طبيعة العمران.
ثم أقبل عليهم جميعا يعلمهم كيفية إنفاق الثروة، فقال:
ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ، والخير هو ما ترتاح له الذمة ويرضى به الضمير، وقال:
ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا . ثم شملهم بنصيحة عامة تنفع التاجر والصانع وصاحب المال، وهي:
أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين * وزنوا بالقسطاس المستقيم * ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين . ولو عمل الناس بهذه الوصية لألفيت أغلب من يشكو ساكتا، فالعامل الفقير يرضى بحظه؛ لأنه غير مبخوس الأجر، والتاجر يقنع بما يصله؛ لأنه قيمة بضاعته، والشاري يسر؛ لأن موفي الكيل راجح الوزن، والثقة تتبادل بين الجميع؛ لأن الغش مرفوع من بينهم، والمعاملة تسري على أحسن نمط؛ لأن الثقة في الوسط، وهذه نتيجة لا يستطاع الوصول إليها بعلم من العلوم.
فإذا أضفنا إلى ما تقدم تحريمه من التحلي بالذهب على حين لا خطر في ذلك إلا استخدام أتعاب الناس فيما لا ينفعهم، علمنا أن الإسلام ينظر إلى كل ما يحيط بالناس في دينهم ودنياهم، فأثبته وشرح علاجه في القرآن، وقد رأينا علماء الاقتصاد يقررون أنه لا يصلح للعملة إلا الذهب والفضة، وينددون بمن يستعملها في غير ذلك، فهل رجع العالم ثلاثة عشر قرنا أم تقدم القرآن كل تلك القرون.
الفصل التاسع والعشرون
Bog aan la aqoon