Islam Sharikan
الإسلام شريكا: دراسات عن الإسلام والمسلمين
Noocyada
ونبدأ بمقال مبكر (يرجع إلى سنة 1944م) عن تحولات الاستقلال اللبناني. ويلاحظ الكاتب في البداية أن لبنان بلد له وضعه الخاص، على رغم أنه كان على الدوام جزءا من الشام، وهو يتتبع مراحل تاريخه منذ أن فتح المسلمون سوريا وخلصوها من السيادة البيزنطية في سنة 635م، ودعم فيها الخلفاء الأمويون (من 660 إلى 750م) دولتهم ولم يفكروا في الاستيلاء على لبنان ولا اكترث كذلك الخلفاء العباسيون بالإمارات الصغيرة التي بدأت تتكون فيه. وعرف الصليبيون أهمية الموقع الاستراتيجي للبنان فأسسوا فيه «بارونيات» و«دوقيات » عديدة، مما ساعد الجماعات المسيحية على تأكيد وضعها، لا سيما بعد انضمام المارونيين في سنة 1182م إلى الكنيسة الكاثوليكية.
ويواصل الكاتب تتبعه لتاريخ لبنان من التنوخيين الذين خضعوا للدولة العثمانية في بداية القرن السادس عشر، إلى الشهابيين الذين حاولوا تأسيس دولة لبنانية مستقلة وتحالفوا مع محمد علي في تمرده على الباب العالي، ثم ذهبت ريحهم بعد أن مني بالهزيمة واضطر في سنة 1840م للانسحاب من سوريا. ثم يتحدث عن العلاقات الحميمة التي ربطت المارونيين اللبنانيين بفرنسا. وذلك منذ الحروب الصليبية وحملة نابليون الفاشلة على سوريا في سنة 1799م إلى أن أصبحت فرنسا حتى يومنا الحاضر هي سقف الحماية الذي يستظل به المسيحيون اللبنانيون الذين كانوا - من خلال اتصالهم بالغرب - رواد النهضة العربية ثم رواد حركة القومية العربية بعد أن انتبهوا إلى خطر الهيمنة الغربية وأدركوا - بحكم اللغة والتراث والمصالح المشتركة - أنهم جزء لا يتجزأ من العالم العربي. وهكذا انتهت أولى مراحل الاستقلال بثورة اللبنانيين في سنة 1916م على الحكم العثماني.
وبعد إعلان وصاية فرنسا على لبنان في أبريل سنة 1920م، طالب المارونيون باستقلال لبنان بمساعدة فرنسا وحمايتها. وأعلن المندوب السامي الفرنسي الجنرال جورو قيام دولة لبنان الكبير في اليوم الأول من شهر سبتمبر سنة 1920م - وبدأت خلافات الشعب اللبناني مع وصاته الذين أخذوا يعوقون استقلاله الحقيقي بشتى الطرق. ولما زحفت أمواج الثورة السورية الكبرى على الاحتلال الفرنسي في سنة 1925م؛ حاول الفرنسيون إرضاء اللبنانيين، وسمحوا لمجلسهم النيابي بوضع دستور الجمهورية اللبنانية الذي أعلن في شهر مايو سنة 1926م وتكون في أثره المجلس الوزاري والمجلس النيابي، وتولى رئاسة الحكومة الشيخ الماروني بشارة الخوري الذي لم يلبث أن استقال من منصبه، وأخذت تتداول كراسي السلطة شخصيات عديدة؛ مما أدى إلى حل المجلس النيابي وفشل أول دستور لبناني.
وتبنت دولة الوصاية سياسة جديدة اقتدت فيها بالسياسة التي اتبعتها إنجلترا مع العراق ومصر، فأحلت معاهدتي التحالف والصداقة مع فرنسا (نوفمبر 1936م) محل الوصاية. وسارع المفاوض اللبناني بإعلان استقلال لبنان على الرغم من بقاء قوات الاحتلال حتى اتفاق آخر، مما أثار دعاة الوحدة العربية وأشعل نيران الغضب والقلق. ولم تلتزم فرنسا لا بالمعاهدة التي أبرمتها مع سوريا ولا مع لبنان، ودفعتها ظروف الحرب العظمى الثانية إلى حل البرلمان وإلغاء الدستور (سبتمبر 1939م) وعجزت سياستها عن حمل السكان - باستثناء المارونيين - على التعاون معها. ونشب الصراع على القوة بين فرنسا وبريطانيا العظمى آنذاك على مراكز سلطاتهما في الهلال الخصيب. وتحت شعارات الاستقلال للبلدين زحفت القوات البريطانية وقوات ديجول في صيف سنة 1941م على سوريا ولبنان فاحتلتهما، وأعلنت الولايات المتحدة أيضا أنها تضمن هذا الاستقلال الوهمي ... وتوالى الصراع بين الأحزاب اللبنانية المختلفة حتى كلف رياض الصلح - المعروف بحماسه للوحدة العربية وعروبة لبنان - بتأليف الوزارة، وشرع في تعديل الدستور وحذف كل المواد التي تشير فيه إلى الوصاية من قريب أو بعيد. وغضب مندوب فرنسا وأمر (في الحادي عشر من نوفمبر سنة 1943م) باعتقال رئيس الجمهورية - بشارة الخوري - ورئيس الوزراء رياض الصلح. وكان من الطبيعي أن يثور الشعب وتشتعل نيران الغضب، وأن يستمر الصراع بين الفرنسيين والإنجليز على الهيمنة والسيطرة. وبدأت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي تشاركان في اللعبة لأخذ نصيبهما من غنيمة الشرق الأوسط. وأفلحت بريطانيا في عرقلة أي تدخل من جانب واشنطن وموسكو في شئون الشرق، ونافقت العرب على طريقتها فمالأت أمانيهم وطموحاتهم، ووقفت في الظاهر ضد سياسة ديجول، كما وقفت الشعوب العربية والإسلامية في صف الكفاح اللبناني من أجل الاستقلال باعتباره جزءا لا يتجزأ من قضية الوحدة العربية الشاملة.
تلك كانت تجربة لبنان الصعبة في سنة 1944م، أي قبل إعلان انتهاء الحرب العظمى الثانية بما يقرب من عام واحد. ولأن المؤلف ينتمي - كما سبق القول - إلى بلد لا تثقل ضميره ولا ذاكرته ذنوب تاريخ استعماري لأي بلد شرقي أو عربي، فليس غريبا عليه أن يتعاطف مع طموح لبنان وكفاحه في سبيل الاستقلال عن فرنسا (بالرغم من حرص المارونيين حتى اليوم الحاضر على الحفاظ على العلاقات الثقافية وصلات الود معها)، وفي سبيل الانضمام إلى صفوف الأمة العربية في وقت كانت قد ارتفعت فيه الأصوات المنادية بإنشاء الجامعة العربية، وبدأت فيه المشاورات والاجتماعات التي سبقت إعلان مولدها. ولعل أهم ما في هذا المقال وأدله على تفهم «شتيبات» لقضية العرب الأولى والأخيرة أنه يؤكد ضرورة اندماج لبنان في الكيان العربي الأكبر وتماهي مصالحه الذاتية مع المصلحة العربية العامة، كما يعبر بصدق عن تطلعه لاستقلال العرب جميعا عن فرنسا وبريطانيا والغرب كله. (10) ونأتي إلى مقاله المبكر أيضا عن طريق الأمة الجزائرية (1961م) الذي يشيد فيه بالكفاح الأسطوري للشعب الجزائري في سبيل الاستقلال (الذي كتب عنه في مقالات سابقة نشرت في «أرشيف أوروبا» من سنة 1958 إلى سنة 1961م) كما يخصص المقال لبيان المقدمات الروحية والاجتماعية التي عززت حركة التحرير المجيدة وزودت شعلة ثورتها بالوقود الضروري.
ويبدأ المؤلف بالكلام عن الوعي القومي عند الجزائريين بين الذين يؤكدون وجوده والذين ينكرونه (من دعاة الجزائر الفرنسية). ثم يتتبع نشأة هذا الوعي القومي وتكوينه نتيجة ردود الفعل الساخطة على فظائع الاستعمار الفرنسي وجرائمه السياسية والاقتصادية، ويرصد بداياته الأولى بعد نهاية الحرب العظمى الأولى على يد علماء الدين المسلمين قبل غيرهم من «النخب» الجزائرية التي تربت في المدارس الفرنسية التي زيفت وعيها فلم ينتبه لبشاعة «الفرنسة» إلا بالتدريج. واندلعت شرارة التمرد الأول الذي تفجر في ليلة الواحد والثلاثين من أكتوبر سنة 1954 فأيقظت الغافلين على صحوة الوعي القومي الجزائري، كما أججت نيران التعصب والتشبث بشعارات الفرنسة عند المستعمرين من قصار النظر ومحدودي الأفق. ولكن اكتشاف أول شبكة كبرى لجبهة التحرير الجزائرية في السادس من فبراير سنة 1956، والحكم بالإعدام على بعض أعضائها وتنفيذ ذلك الحكم الأعمى في التاسع عشر من شهر يونيو من العام نفسه؛ أديا إلى تصاعد لهيب ثورة التحرير من تلك الشرارة الأولى، وإلى تماهي الشعب مع الثوار، وتزايد القمع والاضطهاد من جانب المستعمرين الذين أخذوا يكتشفون مدى تجذر جبهة التحرير في أرض الجماهير.
ويتتبع الباحث تطور «الثورة المنظمة» التي لم تكن مجرد تمرد فوضوي، ويتحدث عن قيادتها الوطنية والجماعية التي ينفي عنها أي تبعية لموسكو أو أي تأثر بالشيوعية، كما يشيد بتصميمها المستمر على رفض أي نوع من التبعية لفرنسا أو أي بديل عن الاستقلال والاعتراف بحق الجزائر في تقرير المصير، واعتراضهم القوي على اقتطاع الصحراء الكبرى بكنوزها الغنية وضمها إلى فرنسا لدى أي حل أو تفاهم منتظر، كل هذا يشرحه المؤلف بروح التعاطف والإنصاف لهذه الثورة المجيدة وقادتها، وذلك قبل حصول الجزائر على الاستقلال الكامل بعد كتابة المقال بعام واحد. (11) ويعرض المؤلف في مقاله عن «بداية مرحلة جديدة في مسيرة الثورة الناصرية» (1962م) للصدمة القاسية التي أدمت قلوب المؤمنين بالوحدة العربية على أثر انفصال «القطر السوري» في الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من شهر سبتمبر سنة 1961م عن «القطر المصري» وتصدع ما كان يسمى بالجمهورية العربية المتحدة التي لم تكد تعمر ثلاث سنوات بعد إعلان قيامها في الأول من شهر فبراير سنة 1958م، ولكن قسوة الصدمة ومرارتها لم تثن عزيمة عبد الناصر عن التمسك بالوحدة العربية، ولا عن استكمال البناء الثوري في مصر - قاعدة هرم الوحدة الكبرى - من خلال تطوير الاقتصاد لزيادة الإنتاج والدخل، والتوزيع العادل للثروة، وتعديل الدستور، والتوسع في التصنيع - ابتداء من الخطة الخمسية التي بدأت سنة 1957م - وإشراك الشعب في تحمل مسئولية العمل الجماعي عن طريق الاتحاد القومي ثم الاتحاد الاشتراكي. ويناقش المقال عناصر هذا البرنامج الثوري الذي كان يهدف - كما قال عبد الناصر في الخطاب الذي ألقاه في الخامس من ديسمبر سنة 1957م - إلى خلق مجتمع اشتراكي وديموقراطي وتعاوني: إجراءات التأميم والمصادرة والتوسع في القطاع العام، وتطبيق قوانين يوليو الاشتراكية الشهيرة، والعمل على تحقيق نوع من الديموقراطية «الموجهة» - التي لم يشارك فيها الشعب قط مشاركة حقيقية، لا لأن وعيه لم يبلغ بعد درجة كافية من النضج، كما زعم بعض المسئولين آنذاك، بل لأن الإجراءات البيروقراطية والبوليسية كانت من التعقيد والجفاف والقسوة بحيث لم تجذب الناس لتطويق رقابهم بنير العمل السياسي الذي تمسك الدولة القمعية بكل خيوطه - والمهم بعد كل شيء أن الأهداف الكبرى للثورة الناصرية - كزيادة الإنتاج، وإقامة العدل الاجتماعي، ومشاركة المواطنين في العمل العام - لم تكن لتتحقق، كما تمنى النظام الحاكم، بالوسائل التي اختارها تحت إشرافه ورقابته. ويبدي المؤلف في النهاية مخاوفه من أن تؤدي الطرق التي اختار النظام الناصري السير فيها إلى كارثة تهدد عربة النظام والبلاد كلها بالسقوط في هاويتها. ومع أنه يتمنى في آخر المقال ألا يحدث هذا، وأن يتكفل الزمن بنجاح التجربة، فإن النكسة الفاجعة التي حلت بالنظام وبالبلاد كلها بعد كتابة هذا المقال بست سنوات حققت مخاوفه ولم تصدق نبوءته الطيبة. (12) والجدير ذكره أن المؤلف كتب بعد مرور سنتين على المقال السابق (أي في سنة 1964م) مقالا آخر مفعما بالمحبة والتقدير والبصيرة عن جمال عبد الناصر وجهوده في بداية الثورة للبحث عن «طريق خاص» لم يلبث أن وجده - بعد تجارب مريرة من المحاولة والخطأ - فيما سمي بعد ذلك بالاشتراكية العربية - وهو يتابع فيه مساعي عبد الناصر ورفاقه لتعبيد طريق التحديث العقلاني والإصلاح الجذري (كما يتجلى في قانون الإصلاح الزراعي ومحاربة الإقطاع واحتكار رأس المال وقانون الأحوال الشخصية وإلغاء المحاكم الشرعية، وفي قانون إصلاح جامعة الأزهر وتحديثها بالدراسات العلمية المواكبة للعصر، والنهوض بأوضاع المرأة ومنحها حق الانتخاب، وتنظيم الأسرة للحد من الانفجار السكاني، والتخطيط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على جميع المستويات وغير ذلك من القوانين الصادرة في يوليو سنة 1961م وما نص عليه «الميثاق» في عام 1962م). وكأنما يريد المؤلف ضمنا أن يقول إن ثورة عبد الناصر أصبحت هي اليد العسكرية التي تنفذ في الواقع بعض أفكار الإمام محمد عبده وتلاميذه وأتباعه العظام من رواد حركة التنوير، وفي مقدمتها فكرة عدم التعارض ولا التناقض بين الوحي والعقل، ولا بين الشريعة والتقدم العلمي والاجتماعي.
ومع الاعتراف بكل هذه الجهود المخلصة، وبأن معظم تصورات الثورة ومفاهيمها عن الإصلاح لم تنبع من مصادر أجنبية بل من تاريخ مصر الحديث في مواجهة العالم الغربي، فإن الثورة الناصرية لم تنجح في رفع مستوى معيشة الشعب ولا في تقريبه من الدولة - دع عنك تحقيق التماهي بينهما - وربما يرجع أهم أسباب ذلك الفشل إلى عجز الأدوات والوسائل التي استخدمها النظام وضراوتها وقسوتها في آن واحد (البيروقراطية الجاهلة والانتهازية من ناحية، ومصادرة الحريات والاعتقال والتعذيب المخيف من ناحية أخرى ). وعلى الرغم من ترديد الزعيم أن الثورة هي ثورة الشعب، وأنها تتعلم من حكمة الشعب، فإن هذا لم يمنع الشعب نفسه من الإحساس بخيبة الأمل في كثير من الإجراءات «الثورية» التي زادت من سلبيته وسوء ظنه بالسلطة، وشدة وعيه بالانفصام بين الكلام والفعل، بين الشعار الرنان والواقع البائس - ولعل ذلك كله يرجع أيضا فيما يرجع إليه للقرارات الدكتاتورية المفاجئة والمتعجلة، واللجوء للإجراءات العنيفة في إدارة الثورة (وفشل الإدارة هنا وفي كل مجال آخر قد كان وما يزال هو الطامة الكبرى ورأس المصائب كلها)، أي يرجع للاستبداد الفردي الذي ألقى عبء التطوير الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي على عاتق جهاز بيروقراطي جاهل وفاسد، ومع ذلك فإن المقال في مجموعه يقوم على فهم الثورة من داخلها وفي سياق ظروفها التاريخية المحددة، كما يقترب منها بكل التعاطف والإنصاف والتقدير لمبادئها ومثلها، مع الاحتفاظ بحقه في نقدها نقدا موضوعيا ومشفقا في الوقت نفسه من مغبة جموحها وعنفها ... وإذا كانت «النكسة» قد كشفت الغطاء - بعد كتابة هذا المقال بثلاث سنوات - عن أن التطوير والتغيير الحقيقيين مستحيلان في غياب الحرية والديموقراطية الحقيقية، فإن ذلك لا يقلل أبدا من قيمة التعاطف والإنصاف اللذين يبديهما الأستاذ شتيبات، في تناوله للثورة ومراحل تطورها وإيجابياتها وسلبياتها حتى تاريخ كتابة مقاله في سنة 1964م برؤية المؤرخ الدقيق والمشارك معا ... (13) وقد اهتم المؤرخ الكبير اهتماما خاصا بنشأة الوعي القومي العربي وبداية حركة القومية العربية في السبعينيات والثمانينيات من القرن التاسع عشر في كل من سوريا ولبنان وهو يلقي الضوء على هذه القضية في بحثه المنشور سنة 1969م عن «حركة الأعيان السوريين بين عامي 1877 و1878م»، وهو يبين فيه كيف بدأت هذه الحركة على يد خمسة من المسيحيين الشبان الذين ألفوا جمعية سرية التفت - مع بقية النخب المسيحية المثقفة - حول الكلية البروتستنتينية السورية (التي أصبحت في وقت لاحق هي الجامعة الأمريكية في بيروت) لبعث الوعي القومي العربي والدعوة لاستقلال سوريا ولبنان، وفي الوقت نفسه قامت حركة أخرى لتحقيق الهدف ذاته وكتب لها أن تكون أكثر وضوحا وأقوى تأثيرا، وهي «حركة الأعيان السوريين» التي تكونت في ثمانينيات القرن التاسع عشر بعد هزيمة الدولة العثمانية في حربها مع روسيا (1877-1878م) هزيمة ساحقة، وخوف العرب في الشام من أن تستغل إحدى القوى الأوروبية تلك الفرصة فتبدلهم بالاحتلال العثماني السيئ احتلالا أوروبيا أسوأ منه.
هكذا تألفت تلك الجماعة تحت قيادة اللبناني أحمد باشا الصلح (1818-1893م) وعقدت مؤتمرها الأول الذي ضم ثلاثين من أعيان المسلمين في سنة 1878م، وقرر المطالبة باستقلال البلاد الشامية وتتويج المجاهد الجزائري الأمير عبد القادر ملكا عليها (وكان يقيم في ذلك الحين في قصره في «دمر»، واشترط على أعضاء المؤتمر الإبقاء على «الرابطة الروحية» مع الدولة العثمانية والحصول على مبايعة جميع السكان من مختلف الطوائف والمذاهب).
كتب المؤلف هذا البحث بمناسبة ظهور كتاب «سطور الرسالة» الذي وضعه «عادل الصلح» حفيد قائد جماعة الأعيان التي سبق ذكرها، وظهر في بيروت سنة 1966م فلفت الأنظار إلى تلك الحركة التي كانت مجهولة وشبه منسية، وجمع فيه من فم والده «محمود منح الصلح» (1856-1920م) ومعلمه أحمد عباس الأزهري (1853-1927م) مادة شفاهية غزيرة قام بوضعها في سياقها التاريخي الأشمل، وناقش مدى دقتها واحتمالات صدقها وتطابقها مع الواقع.
Bog aan la aqoon