نوح ﵇
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف بعض المعلومات عن نبي الله نوح ﵇؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اصطفى الله من بني آدم رسلًا وأنبياء كما قال سبحانه: (إن الله اصطفى آدم ونوحًا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) آل عمران/٣٣.
وقد أرسل الله نوحًا إلى قومه ليدعوهم إلى عبادة الله وحده: (لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) الأعراف/٥٩.
وكان قوم نوح يعبدون الأصنام فطغوا، وتمردوا واستكبروا: (وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودًا ولا سواعًا ولا يغوث ويعوق ونسرًا) نوح/٢٣.
وقد دعا نوح قومه ولبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام كما قال سبحانه: (ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا) العنكبوت/١٤.
ولكن قوم نوح لم يستجيبوا له ولم ينتفعوا بنصحه بل أنكر أشرافهم نبوته واتهموه بالكذب وقالوا إن أتباعه من الفقراء والضعفاء الذين لا فكر لهم ولا رؤية قال تعالى: (فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرًا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين) هود/٢٧.
واستمر نوح ﵇ في دعوة قومه وتلطف بهم ودعاهم في كل مناسبة ليلًا ونهارًا سرًا وجهارًا فما آمن معه إلا قليل أما الأكثرون فقد كذبوه وسخروا منه واتهموه بالجنون وحالوا بينه وبين تبليغ رسالة ربه وهددوه بالرجم إن لم ينته: (قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين) الشعراء/١١٦.
ولكن نوح لم يبال بتهديدهم فواصل دعوته لهم حتى إذا ضاق ذرعًا باستكبارهم، واستهزائهم لجأ إلى ربه بهذه الشكوى: (قال رب إني دعوت قومي ليلًا ونهارًا، فلم يزدهم دعائي إلا فرارًا، وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارًا، ثم إني دعوتهم جهارًا، ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارًا، فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا، يرسل السماء عليكم مدرارًا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا) نوح/٥-١٢.
فلما أيس نوح ﵇ من إيمان قومه، وهددوه بالقتل وآذوه ومن آمن معه فما كان منه إلا أن دعا عليهم بقوله: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارًا إنك أن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرًا كفارًا) نوح/٢٦ -٢٧.
وقد استجاب الله دعاء نوح ﵇ وقضى بهلاك قوم نوح بالغرق وأمره أن يصنع سفينة النجاة ليركب فيها والمؤمنون معه: (وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون) هود/٣٦-٣٧.
ولما أتم نوح ﵇ صنع السفينة وظهرت علامات بدء العذاب بتفجير العيون من الأرض ونزول الماء من السماء أمر الله نوحًا بأن يحمل فيها من الأحياء والحيوانات زوجين اثنين ذكرًا وأنثى ليبقى ويستمر نسلها كما أمره الله أن يحمل معه أهله ما عدا من كفر منهم، وهم إحدى زوجاته وأحد أبنائه كما أمر الله أيضًا أن يحمل معه المؤمنين به وهم قليل قال تعالى: (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم، وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين، قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين) هود/٤٠-٤٣.
ثم أخذت نوحًا عاطفة الشفقة على ولده فطلب من ربه أن ينجيه من الهلاك: (ونادى نوح ربه فقال ربي إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين، قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألنِ ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين) هود/٤٥-٤٦.
ولما أهلك الله الكفار بالغرق أمر الله الأرض أن تبلع الماء وأمر السماء أن تكف عن المطر فاستوت السفينة راسية على جبل الجودي بالموصل وقضي الأمر وأهلك الظالمون: (وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدًا للقوم الظالمين) هود/٤٤.
وبعد أن استوت السفينة على الجبل، أمر الله نوحًا أن ينزل ومن معه محفوفًا بالسلام والبركات: (قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم) هود/٤٨.
وهكذا نصر الله نوحًا والمؤمنين معه وأهلك من كفر به وجعلهم عبرة للناس: (ونوحًا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم، ونصرناه من القوم لذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوءٍ فأغرقناهم أجمعين) الأنبياء/٧٦ - ٧٧.
ثم جعل الله في ذرية نوح وإبراهيم ﵉ النبوة والكتاب كما قال سبحانه: (ولقد أرسلنا نوحًا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون) الحديد/٢٦.
[الْمَصْدَرُ]
من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن إبراهيم التويجري.
1 / 249