146

Islam Q&A

موقع الإسلام سؤال وجواب

Noocyada

هل إبليس من الجن أو من الملائكة [السُّؤَالُ] ـ[هل إبليس ملك أم جني؟ فإن كان ملكًا فكيف عصى الله والملائكة لا يعصون الله؟ وإن كان جنيًا فإن هذا يوضح أن له اختيار الطاعة أو المعصية. أرجو الإجابة.]ـ [الْجَوَابُ] الحمد لله إبليس - لعنه الله - من الجن، ولم يكن يومًا ملكًا من الملائكة، ولا حتى طرفة عين؛ فإن الملائكة خلق كرام لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وقد جاء ذلك في النصوص القرآنية الصريحة التي تدل على أن إبليس من الجن وليس من الملائكة، ومنها: ١- قال الله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) الكهف / ٥٠. ٢- وقد بيّن الله تعالى أنه خَلَقَ الجن من النار، قال تعالى: (وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ) الحجر/٢٧، وقال: (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ) الرحمن/١٥. وجاء في الحديث الصحيح عن عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ: " خُلِقَت الملائكة من نور، وّخُلِقَ الجَّان من مارجٍ من نار، وخُلِقَ آدم مما وُصِفَ لكم " رواه مسلم في صحيحه برقم ٢٩٩٦، ورواه أحمد برقم ٢٤٦٦٨، والبيهقي في السنن الكبرى برقم ١٨٢٠٧، وابن حبان برقم ٦١٥٥. فمن صفات الملائكة أنها خُلِقت من نور، والجن خُلِق من نار، وقد جاء في الآيات أن إبليس - لعنه الله - خُلِقَ من النار، جاء ذلك على لسان إبليس لما سأله الله ﷾ عن سبب رفضه السجود لآدم لمّا أمره الله بذلك، فقال - لعنه الله -: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) الأعراف/١٢، ص/٧٦، فيدل هذا على أنه كان من الجن. ٣- وقد وَصَفَ الله ﷿ الملائكة في كتابه الكريم، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم /٦. وقال سبحانه: (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمون * لا يَسْبِقُوْنَهُ بالقَولِ وهُم بِأمْرِهِ يَعْمَلُونَ) الأنبياء / ٢٦ -٢٧. وقال: (وَلِلّهِ يَسجُدُ مَا فِي السَمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ والمَلاَئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُوْنَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُوْنَ مَا يُؤْمَرُوْنَ) النحل / ٤٩ -٥٠. فلا يمكن أن يعصي الملائكة ربهم لأنهم معصومون من الخطأ ومجبولون على الطاعة. ٤- وكون إبليس ليس من الملائكة فإنه ليس مجبرًا على الطاعة، وله الاختيار، كما لنا نحن البشر، قال تعالى: (إناّ هديناه السبيل إما شاكرًا وإما كفورًا)، وأيضًا فإن هناك المسلمين والكافرين من الجن؛ جاء في الآيات من سورة الجن: (قل أوحي إلي أنه استمع نفرٌ من الجنّ فقالوا إنّا سمعنا قرآنًا عجبًا * يهدِي إلى الرُّشد فآمنّا به ولن نُشرِك برنا أحدًا) الجن / ١-٢. وجاء في نفس السورة على لسان الجن: (وأنّا لمّا سمعنا الهدى آمنّا به فمن يُؤمن بربه فلا يخاف بخسًا ولا رَهَقًا * وأنّا منّا المسلمون ومنّا القاسطون..) الآيات. قال ابن كثير ﵀ في تفسيره: (قال الحسن البصري: " ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين، وإنه لأصل الجن، كما أن آدم ﵇ أصل البشر " رواه الطبري بإسناد صحيح) ج٣/ ٨٩. وقد قال بعض العلماء إن إبليس ملَكٌ من الملائكة، وأنه طاووس الملائكة، وأنه كان من أكثر الملائكة اجتهادًا في العبادة.. إلى غير ذلك من الروايات التي معظمها من الإسرائيليات، ومنها ما يُخالِف النصوص الصريحة في القرآن الكريم.. وقد قال ابن كثير مبيّنًا ذلك: " وقد روي في هذا آثار كثيرة عن السلف، وغالبها من الإسرائيليات - التي تُنْقَلُ لِيُنْظَرَ فيها - والله أعلم بحال كثير منها، ومنها ما قد يُقْطَعُ بكذِبِهِ لمُخَالَفَتِهِ للحقّ الذي بأيدينا، وفي القرآن أخبار غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة؛ لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان، وقد وضع فيها أشياء كثيرة، وليس لهم من الحفاظ المتقنين الذي ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين كما لهذه الأمة من الأئمة والعلماء والسادة والأتقياء والبررة والنجباء من الجهابذة النقاد والحفاظ الجياد الذين دَوّنوا الحديث وحرروه وبينوا صحيحه من حسنه من ضعيفه من منكره وموضوعه ومتروكه ومكذوبه وعرفوا الوضاعين والكذابين والمجهولين وغير ذلك من أصناف الرجال كل ذلك صيانة للجناب النبوي والمقام المحمدي خاتم الرسل وسيد البشر ﷺ أن ينسب إليه كذب أو يحدث عنه بما ليس منه فرضي الله عنهم وأرضاهم وجعل جنات الفردوس مأواهم " تفسير القرآن العظيم ج ٣/٩٠. والله تعالى أعلم. [الْمَصْدَرُ] الإسلام سؤال وجواب الشيخ محمد صالح المنجد

1 / 145